ليست بشرّي فقط مسقط رأس سمير وستريدا جعجع، بل القضاء الوحيد حيث اعتادت «القوات» أن لا يكون لديها أي منافسة سياسية. سنوات طويلة مضت، كانت فيها القوات اللبنانية «مرجعية» المنطقة، مستفيدةً أولاً من ضعف خصومها، وثانياً من عدم احتكاكها بالبشراويين خلال فترة الحرب، وبالتالي تأخّر «تعرّفهم» إلى الحزب وممارساته، قبل أن ترتفع «النقمة» ضدّه، ويبدأ بالتعبير عنها خلال الاستحقاقات الانتخابية، وارتفاع نسبة التأييد التي يحصل عليها الفريق المعارض. حصول ويليام طوق على 4649 صوتاً خلال الانتخابات الأخيرة، (حصلت ستريدا جعجع على 6677 صوتاً، وجوزف اسحاق 5990 صوتاً)، تضاف إليه رغبة التيار الوطني الحرّ «الاستثمار» في الحالة التي يُشكلها ويليام، ووضع نفوذ «العهد» وخدمات الوزارات التي يشغلها «التيار» بين يديه، كلها عوامل أزعجت «القوات»، وجعلتها تتحجج بعدم قانونية اللافتات المرفوعة، لـ«الحرتقة» على زيارة باسيل إلى بلدات قنات وحدشيت وبشرّي.
أعلن باسيل وويليام طوق تحالفهما الجديد، ما أثار حساسية القوات
ثلاثة بيانات صدرت يوم السبت تتحدث عن اللافتات المرفوعة. حفلة زجلٍ بين نائبَي بشرّي ستريدا طوق وجوزف اسحاق من جهة، ومحافظ الشمال رمزي نهرا من جهة أخرى. الفريق الأول «رحّب بخطوة بلدية قنات» إعطاء الإذن لرفع لافتة، ولكنه زعم أنّ رفع اللافتات في باقي البلدات تمّ من دون الرجوع إلى السلطات المحلية. ولأنّ القصة على قدر عالٍ من الأهمية والخطورة، قامت ستريدا جعجع شخصياً بالاتصال بنهرا «الذي لم يؤكد إعطاء أي ترخيص، ووعدها بإزالتها فوراً»، بحسب بيان النائبين. وأمام هذه «المخالفة القانونية»، طلبت جعجع واسحاق من أهالي بشري التحلي «بالشجاعة والرجولة والحكمة، وألا يقوموا بأي ردود فعل على التصرفات غير القانونية لباسيل». ردّ نهرا على «القوات» بكتابٍ، يُفيد أنّه أخذ العلم، «بموافقتنا على تعليق يافطات الترحيب بباسيل»، الأمر الذي عاد «النائبان» ونفياه عبر بيانٍ، علماً بأنّ مصادر «التيار» تؤكد أنّها استحصلت على موافقة البلديات لرفع اللافتات، «ما حصل أنّ القوات حين علمت بالزيارة، بدأت تضغط على رؤساء البلديات والناس، لتكثيف صور سمير جعجع وأعلام الحزب وطلب عدم المشاركة في اللقاءات... رغم كلّ شيء، كانت المشاركة كبيرة». ولكن الصور التي انتشرت من حدشيت، تُظهر أنّه لم يكن هناك تفاعل شعبي مع الزيارة. تردّ مصادر التيار العوني بأنّه في حدشيت «لم يكن لقاءً شعبياً، على العكس من قنات». وتُعيد المصادر كلّ ما حصل إلى «حساسية القوات من أن يدخل أحد إلى بشري، خاصة بعد التعاون مع ويليام طوق، وتنظيم وجودنا الحزبي أكثر، بالانتقال من امتلاكنا 11 هيئة محلية إلى 20».
علناً، هاجمت القوات اللبنانية زيارة باسيل للقضاء. أتتها قصة اللافتات «على القدّ»، لتستخدمها في معركتها. «القصة أكبر من لافتة»، يقول أحد نواب «القوات». فلو أنّ الزائر كان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «وقام بتعليق اللافتات قبل ليلةٍ من مجيئه، لا يستفزنا ذلك. المشكلة أنّنا نتعامل مع شخصية سياسية (باسيل) استفزازية، وفعلاً يُمثّل فتنة متنقلة». يقول النائب إنّ اللافتات في قنات «لم تُزل لأنّها قانونية، ولو استحصل على إذن في بقية البلديات، لما كنا سنُمانع». ألستم مُستفَزين من دخوله إلى بشرّي وتحالفه مع ويليام طوق، وتسمحون لأنفسكم بالتصرف كما لو أنكم تحملون صكّ ملكية بشري؟ أولاً، يردّ النائب، «أكيد أنّ القضاء لنا، فنحن ربحنا المقعدين النيابيين، ونُمثّل القضاء بفارق بعيد عن أخصامنا». أما بالنسبة إلى ويليام طوق، «ولا مرّة خفنا منه أو من أحد». ولكن ما يكشفه النائب أنّ القرار المُتخذ «باستخدام السياسة والوسائل القانونية، لوقف تمدّد باسيل. لن نسمح له بأن يتوسّع». يتصرف باسيل «وكأنه كلّ شيء في الدولة، من دون حدود، ومن دون أن يردعه أحد. نحن قادرون على وضع حدّ له، وسنقوم بذلك بالقانون»!