السياق السابق الذي حكمته قواعد الاشتباك المثبَتة، خرقته عملية عقربا أول من أمس. العملية جرت في منطقة يعرف العدو جيداً أن عناصر حزب الله ينتشرون فيها، ويتخذون من بعض بيوتها مراكز لهم. كما أنها منطقة بعيدة عن الحدود مع الجولان نسبياً (حوالى 60 كلم)، وهي تعدّ من ضواحي العاصمة دمشق. إضافة الى ذلك، فإن طبيعة الاستهداف، الذي أتى على شكل عملية واحدة محدودة ضد هدف واحد فقط، تؤشر الى أن العدو كان يمتلك معلومات دقيقة عن الهدف المطلوب، وبطبيعة الحال عن المجموعة المستهدفة، ما يؤدي الى استنتاج أن العدو تعمّد القتل.
أول استهداف مباشر لمقاومين لبنانيين في سوريا منذ اغتيال القنطار
بحسب ما يشير مصدر عسكري سوري لـ«الأخبار»، فإن العدو الإسرائيلي «عمد في المرحلة الأولى الى استهداف موقف السيارات داخل المزرعة بطائرة مسيرة انفجرت داخله، ثم تلى ذلك طائرة مسيرة أخرى استهدفت المنزل»، ويضيف المصدر أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما «بدأت مرحلة ثانية، أطلقت خلالها طائرات حربية إسرائيلية عدداً كبيراً من الصواريخ باتجاه المنزل ومحيطه، ما سوّاه أرضاً».
قد يكون من المفيد هنا التذكير بعمليات القصف المدفعي والصاروخي التي ينفّذها جيش الاحتلال بشكل دوري في منطقة القنيطرة وقرى جبل الشيخ، والتي يستهدف فيها نقاط رصد ومراقبة، يدّعي أنها لحزب الله وقوات إيرانية. وإذا ما صحّت رواية العدو المتكررة عن وجود مجموعات إيرانية وأخرى من حزب الله على حدوده، وأنه يضربها، فإنه كان حتماً يتجنب قتل أي من العناصر غير السوريين، لأنه لم يسقط أي شهيد للحزب هناك، ولا حتى للإيرانيين، لكن أصيب عدد من جنود الجيش السوري في بعض المرات. هذه الحقيقة، تطرح تساؤلاً: هل قرر العدو أول من أمس أن يستهدف حزب الله بشكل مباشر وأن يقتل عناصره؟ أم أنه وقع ضحية فشل معلوماتي وظن أنه يضرب قوة إيرانية أو سورية، إلا أنه وجد نفسه في مواجهة الحزب؟ في انتظار الرد وإعادة تشكيل قواعد الاشتباك، يمكن البدء بالبحث عن الجواب. إلا أن ما هو ثابت حكماً، هو أن عملية دمشق الأخيرة، ستمثّل نقطة مفصلية أخرى في تشكل المعادلة الجديدة.