التحوّل الأساسي في مواقِف قوى 14 آذار (سابقاً)، هو موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي وصل الى حدّ الاشتباك مع وزراء القوات على طاولة مجلس الوزراء بعد مطالبتهم بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وحصر السلاح بيد الدولة. عندها انتفض الحريري قائلاً إن ما جرى هو اعتداء إسرائيلي موصوف. وفي ظل الاعتداء الإسرائيلي، لا يُمكن الحديث عن استراتيجية دفاعية. موقف الحريري هذا يتكامل مع نشاط دبلوماسي أطلقه، يهدف الى تحصين الساحة الداخلية، بخلاف ما كان الوضع أيام حرب تموز 2006. وهذا التغير يعود الى عاملين أساسيين: الأول هو انتصار الحزب في لبنان وعدم انهزام المحور الذي ينتمي إليه في المنطقة، والعامل الثاني، هزيمة المشروع الآخر وتراجع الرئيس الحريري، وصولاً الى حالة الوهن بعد رهانات خائبة على حلفائه المُفترضين في الخارج والداخل. وجدَ الحريري أن لا مناص من وضع اليد بيد حزب الله للحفاظ على التسوية، وبالتالي موقعه ودوره وحيثيته. وهذا ما يترجمه في مواقفه، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو عبر المواقف التي يطلقها والاتصالات التي يجريها.
الاعتداء الإسرائيلي أعاد تسليط الضوء على تقهقر فريق 14 آذار بعد التسوية
ليلة الضاحية الاستثنائية (الاعتداء الإسرائيلي فجر الأحد الماضي)، شكلت اختباراً عسيراً مرّ به الآذاريون، أعاد تسليط الضوء على تقهقر فريقهم الذي تحوّل «رئيسه»، سعد الحريري، من رأس حربة في مشروع مواجهة حزب الله، الى شريك للحزب في التسوية الرئاسية. أمام هذا الواقع، اشتد عود حلفاء الحزب، أما «حلفاء» الحريري فقد قضت التسوية على حيويتهم، ما انعكس «اعتدالاً» في مواقفهم الأخيرة. اعتبر النائب السابق وليد جنبلاط أن «الوحدة الوطنية هي أفضل طريقة لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي»، فيما اكتفى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ــــ غير القادر على المواجهة وحيداً ــــ بالتعبير عن «تعاطفه الكامل مع أهلنا في الضاحية الجنوبية»، مستنكراً «الاختراقات الإسرائيلية المتكرّرة لسمائنا واللجوء إلى طائرات مسيّرة مفخخة ضد أهداف في لبنان». الصوت الأعلى ضد المقاومة، ويكاد يكون الوحيد، حتى الآن، هو لـ«السبهانيين».