يقول مطّلعون على تفاصيل زيارة جعجع للجبل إنه كان يطمع من خلالها بقبض ثمن تضامنه مع النائب السابق وليد جنبلاط بعد حادثة الجبل، ولذلك فقد «تحسّس من مشهد اللقلوق». لا يُخفي هؤلاء اعتقادهم - ولو ممازحة - بأن «الوعكة الصحية أصابته بعدما تسرّبت صورة جنبلاط الابن في ضيافة باسيل». القصة كلها لها علاقة بالتوقيت، بحسب هؤلاء. ثمّة حزب «رفَع لواء الدفاع عن جنبلاط خلال الاشتباك السياسي الذي تلى حادثة قبرشمون، حينَ كان جنبلاط نفسه يتهم حزب الله والتيار الوطني الحر بأنهما يريدان تطويقه وعزله بخلفيات إقليمية»، ليعود بعدَ أسابيع فيجِد أن التيار العوني يتحوّل تدريجياً ليكون الشريك المسيحي الوحيد لكل الأفرقاء، ومن ضمنهم الحزب الاشتراكي، ما يفرض على جعجع الجلوس على كرسي الاحتياط.
لا شكّ في أن «التطبيع السياسي» الذي يُمارسه جنبلاط مع «خصومه» شكّل رسالة سلبية لجعجع، وأعطى إيحاءات بأنه «يلعب الدور نفسه الذي يلعبه رئيس الحكومة سعد الحريري للحفاظ على موقعه، أي طأطأة الرأس قليلاً إلى حين مرور الغيمة الإقليمية التي أثّرت على المحور الذي ينتميان إليه». وهذه البراغماتية التي مارسها جنبلاط بعدما خبرها الحريري في التعامل مع باسيل، مترافقة مع ابتعادهما عن جعجع كلما حاول التقرب منهما، جعلت حليفهما المفترض يصل إلى خلاصة يقولها «للمرة الأولى»: «وجودنا على طاولة مجلس الوزراء لا يناسِب الآخرين، وأكثريتهم منزعجون منا، وبشوفونا متل الصوص الغريب».
«التطبيع السياسي» الذي يُمارسه جنبلاط مع «خصومه» شكّل رسالة سلبية لجعجع
مصادر القوات، وعلى الرغم من التطورات الأخيرة، ولا سيما كلام جعجع، لا تزال تُصرّ على «التحالف الاستراتيجي الذي يجمع جعجع بجنبلاط، من دون أن يفرض أحدهما على الآخر خطواته السياسية وشكل علاقاته مع الآخرين». هذه المصادر تحاول التخفيف من وطأة ما حصل، على اعتبار أن «لقاء حزب الله والاشتراكي معروف مسبقاً، ولقاء جنبلاط (الابن) بباسيل أعلن عنه قبل يوم واحد من الزيارة ولم يكُن مفاجئاً لنا»، معتبرة أن «جعجع كان يُمكن أن يستفيد من الغداء الذي يجمعه بجنبلاط للتصويب على باسيل الذي يغيّر مواقفه حسب مصالحه». وأكدت المصادر أن «جعجع سيزور الجبل قريباً جداً»، لكن «ليس بسبب لقاء جنبلاط حصراً، فهناك قاعدة قواتية موعودة بهذه الزيارة سيعقد معها الحكيم لقاءات متعددة. كما سيلتقي مجموعة من الموحدين الدروز الذين تربطنا بهم علاقة متينة منذ العام 2000».