خلال زيارته الأخيرة لفرنسا، أعلن الرئيس سعد الحريري بعد لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، توقيع الحكومة اللبنانية «خطاب نوايا» مع فرنسا لتزويد لبنان بمعدات عسكرية تخولّه حماية حقول النفط والغاز البحرية في المُستقبل. وأكمَل ماكرون السردَ للإشارة إلى أن «الخطاب الذي وُقِّع يشكّل جزءاً من المتابعة التطبيقية للالتزامات التي جرى التعهد بها في مؤتمر روما - 2 (آذار 2018) لتزويد الجيش اللبناني بالمعدات، إذ فتحت فرنسا خطّ ائتمان للبنان بقيمة 400 مليون يورو لدعم القوات المسلحة والأمنية». حتى هذه النقطة، يُمكن وضع التصريحين في سياقٍ عادي، لولا أن هذا الموضوع شكّل في الفترة الماضية مسار خلاف بين الدولة اللبنانية (المعنية بالملف) والدولة الفرنسية، وذلك لأن بعض الجهات عمدت إلى الالتفاف على شروط القرض المُقدم، ومنها أن تستخدم الدولة اللبنانية المال لشراء مراكب الحماية من فرنسا، وفتحت خطّ تفاوض مع إيطاليا، ما أثار حنق الفرنسيين.يبدأ المُتابعون لهذا الملف رواية تفاصيله من حيث أنهى ماكرون حديثه. أي من مؤتمر «روما 2» الذي عقد في الخارجية الإيطالية لدعم القوى اللبنانية المسلحة وقوى الأمن الداخلي برعاية مجموعة الدعم الدولية للبنان وبرئاسة مشتركة من الأمم المتحدة وإيطاليا، وبمشاركة 41 دولة عربية وأجنبية. ويشير أكثر من مصدر إلى أن الاتفاق اقتضى «تقديم ضمانات تُتيح للبنان الحصول على القرض بفوائد مخفضة على ثلاثين عاماً، شرط شراء الأسلحة من فرنسا». لكن، وكعادتها، حاولت بعض الجهات اللبنانية تحويل الأمر إلى صفقة. وبرز في هذا السياق مقربون من رئيس الحكومة سعوا إلى إقناعه بشراء المعدات من إيطاليا. وحاولت هذه الجهات التلطي خلف المؤسسة العسكرية، للإيحاء بأن الشروط التي تضعها لا تتوافق مع المواصفات التي تؤمنها الشركات الفرنسية. إلا أن الأمر لم يُعجِب الفرنسيين، أولاً لأن تأمين المبلغ جرى على أساس شراء المعدات من فرنسا، وثانياً بسبب التوتر الحاصل بين فرنسا وإيطاليا بسبب عدد من الملفات.
4 شركات فرنسية تقدمت بعروض وتنافس كبير فيما بينها


وبحسب المصادر، شكّل هذا الموضوع مادة رئيسية خلال الزيارة التي قامت بها وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي في تموز الماضي على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، إذ كانت لدى الفرنسيين معلومات عن تفاوض جهات لبنانية مع الإيطاليين. وحينَ سألت بارلي عن الأمر، أجاب المعنيون بأن «لبنان يدرس العروضات»، محاولين تمييع الإجابة، تارة من خلال القول إن «وزارة الدفاع هي من تبت بالأمر»، وتارة أخرى بأن «مجلس الوزراء هو من يقرر بناءً على تقرير قيادة الجيش». وقد استدعى ذلك زيارة قام بها السفير الفرنسي في بيروت لقائد الجيش العماد جوزف عون الذي نفى تدخل المؤسسة، فشعر الجانب الفرنسي بأن ثمة خديعة جعلته يتخذ موقفاً سلبياً من الحريري. المصادر نفسها أكدت أن اللقاء الأخير بين رئيس الحكومة والرئيس الفرنسي صحح مسار هذا الاتفاق، حيث التزم الحريري شراء المعدات من فرنسا بموجب القرض، مؤكدة أن «ما من عاقل يُمكن أن يفكر في شراء المعدات من غير الدولة الفرنسية، لأن القرض يأتي من طريقها». وفي هذا الإطار علمت «الأخبار» أن «لقيادة الجيش دفتر شروط كبيراً، وأن هناك 4 شركات فرنسية تقدمت بعروض لبيع المراكب، وهناك تنافس كبير فيما بينها».