بعد فشل محاولات الترهيب والترغيب التي مورست على متظاهري الجنوب خلال الأسبوع الفائت، جرّبت السلطة وحلفاؤها أمس الضرب والاعتقال في صيدا والنبطية بعد صور. لكنها أيضاً لم تنفع في دفع المتظاهرين على فضّ تجمعاتهم الاحتجاجية، لا سيما في دوار كفررمان وساحة سراي النبطية.يوم العنف بدأ عند الثامنة صباحاً عند مدخل صيدا الشمالي. مجموعة من المشاركين في اعتصام تقاطع إيليا، قرروا منذ اليوم السابق، إقفال الطرقات الرئيسية لمنع عودة الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها. بالأجساد، أقفل الشبان الطريق البحري بالاتجاهين. وعند الثامنة صباحاً، بدأ ضباط الجيش بالتفاوض معهم لفتح الطريق، من دون جدوى. وبعد أن استقدم قوة معزّزة، بدأ الجنود بضرب المتظاهرين وإزاحتهم بالقوة من الطريق، قبل أن تساندهم قوة من الاستخبارات التي أكملت ضربهم بالهراوات والعصي واعتقلت عدداً منهم بينهم فتى في الثانية عشرة من عمره قبل أن يُطلق سراحهم سريعاً. المواجهة مع الجيش، عزّزت الحضور منذ الصباح، عند تقاطع إيليا الذي لا يزال مقفلاً أمام حركة السير. وأبرز ضيوف اعتصام أمس، عدد كبير من طلاب مدارس صيدا بدعوة من لجان الأهل، احتجاجاً عى رفع أقساط المدارس الخاصة.
بعيد الثانية بعد الظهر، انفجر الوضع الحذر في النبطية. مجموعة مؤلفة من عناصر شرطة البلدية ومناصرين لحزب الله وحركة أمل اقتحموا تجمع المتظاهرين، متسلحين بالعصي، واعتدوا بالضرب عليهم وفكوا منبر الخطابات ومكبرات الصوت. وأسفر الاعتداء عن جرح العشرات، من بينهم عشر إصابات نُقلت إلى مستشفى النجدة الشعبية، فيما خرج ثمانية من المصابين بعد تلقيهم العلاج. لكن ما حصل لم ينجح في مغادرة المتظاهرين الذين لملموا حراكهم وأعلامهم اللبنانية وهتافاتهم واستأنفوا تجمعهم في المكان نفسه. عصراً، تنادى العشرات من مناصري الحزب وأمل، من بينهم نساء وفتيان، اصطفوا قبالة تجمع المتظاهرين وهتفوا للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله. ومنعاً لتكرار الاعتداء، انتشر الجيش والقوى الأمنية وشكلوا حاجزاً بشرياً وبالقواطع الحديدية. لكن المواجهة لم تنجح أيضاً في دفع المتظاهرين للانسحاب. ضباط الجيش والقوى الأمنية ومسؤولون في حزب الله تولوا التفاوض مع المتظاهرين لـ«الوصول إلى مخرج». المخرج الأولي تمثل بالموافقة على فتح مسلك من مسلكي الشارع الرئيس قبالة السراي، أمام حركة السيارات.
واقعة العصي في النبطية سبقتها ليل الثلاثاء واقعة الجرّافة قرب مستديرة كفررمان

اعتداء الظهر سبقته اتصالات مع المتظاهرين، من البلدية المحسوبة على الحزب وجمعية تجار النبطية المحسوبة على أمل، تطلب فتح الشارع أمام السيارات تمهيداً لاستعادة النشاط الاقتصادي. وفي بيان لها أصدرته بعد الاعتداء، قالت البلدية إن «شرطتها فتحت الطريق وأزالت العوائق بعد أن ارتفعت الأصوات في المدينة من الأهالي وأصحاب المحال تطالب بإعادة فتح السوق». بدوره أصدر «إمام النبطية» الشيخ عبد الحسين صادق بياناً استنكر فيه ما حصل في «مدينة الإمام الحسين بأن تنجر إلى حل الإشكال بالكباش والمواجهة». وإذ أكد على أن حق التعبير مقدّس، دعا لأن «يتم بشكل حضاري، فلا يمس بالقامات الوطنية والكرامات ويحافظ على مصادر الاسترزاق».
وفيما يستمر الاعتصام المفتوح في كفررمان، غادر معتصمو النبطية ليلاً كالعادة وجدّدوا موعد التجمع اليومي عند العاشرة من صباح اليوم أمام السراي.