في بداية كلمته أمس، وجد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله نفسه مُضطراً إلى أن يُفسّر نقاطاً من خطابه السبت الماضي حول موقفه من الانتفاضة الشعبية. هذه «الهبّة» في كلّ المناطق اللبنانية، والتي انطلقت شرارتها قبل أسبوعٍ، اعتبر نصر الله أنّه كانت لها إيجابيات عديدة. «كلّ شيء يحصل يجب أن يوظّف لمصلحة البلد»، فالحراك فرض على الحكومة «أن تُنجز وتٌقرّ ميزانية خالية من الرسوم والضرائب. هذا ليس إنجازاً صغيراً، بل أمر مهم جدّاً». وتحت ضغط الشارع، «صدرت ورقة الإصلاحات التي تحدّث عنها رئيس الحكومة. إنّها مهمة وغير مسبوقة، وفيها مطالب على درجة عالية من الأهمية، مع تحديد جداول زمنية»، مُستغرباً تسخيف الأمر، «وهذا يؤدي إلى الشُّبهة، فلا أحد يُسخّف إنجازاته، بل يُضيء عليها». ومن إنجازات الانتفاضة أيضاً، «كيّ الوعي لدى المسؤولين في السلطة، حاليين ومستقبليين، الذين كانوا يعتقدون أنّ بإمكانهم التصرف كما يريدون». والناس أصبح «لديهم ثقة بأنفسهم من جديد». يستمر نصر الله في تعداد الإيجابيات: «الحراك أوجد مناخاً ممتازاً في البلد، إضافةً إلى الورقة الاقتصادية، سيُفعّل مجلس النواب نفسه لإقرار قوانين استعادة الأموال المنهوبة، رفع السرية المصرفية، مكافحة الفساد». واعتبر أنّ الرئيس ميشال عون «فتح الباب وقال تفضلوا لنتحاور ونتناقش. إذا رفضوا ذلك، فما الأُفق؟».الإيجابيات التي ذكرها نصر الله تُعطي دفعاً كبيراً للانتفاضة الشعبية بأن تُكمل في مسيرتها لاستحصال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكنّ «ما بدأ شعبياً وعفوياً، لم يعد بنسبة كبيرة كذلك»، مؤكداً أنّ أي حلّ «يجب أن يقوم على قاعدة عدم الوقوع في الفراغ. في ظلّ الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب والمأزوم، والتوترات السياسية محلياً وإقليمياً، الفراغ سيؤدي إلى الانهيار»، مع تأكيد الانفتاح على أي حلّ، و«أننا لا نقبل بإسقاط العهد، ولا نؤيد استقالة الحكومة، ولا نقبل بانتخابات نيابية مُبكرة. نحن نحمي البلد من الفراغ الذي سيؤدي إلى الفوضى والانهيار، ونحن ننظر إلى أبعد من البعيد». ودعا كلّ ساحة إلى أن تختار قيادتها، «واتفقوا على مطالب تنسجم مع مطالب الناس وليس أهواء الأحزاب. ابقوا في الساحات والميادين، وفاوضوا تحت ضغط الشعب، فلا أحد يطرح التفاوض لدفع الناس إلى مغادرة الشارع».
أما في ما خصّ قطع الطرقات، «فلا أُناقش المبدأ، هو من وسائل الاحتجاج المدني»، إلا أنه أشار الى «تأثير ذلك على مجمل الوضع الاقتصادي». الأمر لا يتعلق فقط بالناس المُحتجزين في بيوتهم والأغلبية التي تريد إعادة فتحها، بل «الحواجز على بعض الطرقات، إذلال من يريد المرور، والأخطر طلب الهوية. بعضها تحول إلى حواجز خوات»، مُناشداً المتظاهرين فتح الطرقات: «لا تخرجوا من الميادين والساحات، ولكن اتركوا طريقاً مفتوحة».
نصر الله: التفاوض ليس لدفع الناس إلى مغادرة الشارع


وأشار نصر الله الى أن الحراك «دخل في دائرة الاستهداف السياسي والدولي، ولم يعد موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً». ودعا اللبنانيين إلى متابعة الإعلام العربي والأجنبي، «ولا تُصدّقوا ما تقوله السفارات عن عدم رغبتها بسقوط الحكومة، المهم ماذا يفعلون». وسأل إن كان الشباب المعتصمون سيُكملون إن عرفوا بوجود حالة «تقودها أحزاب معروفة، وتجمعات مختلفة، وإدارة وتنسيق وتمويل. هذه السفارات هل تريد مصلحة الشعب أم لا؟ سؤال بالحد الأدنى، المال للحراك من أين؟». ولفت الى أن الأمر وصل الى حد مطالبة البعض «بإخضاع لبنان للوصاية الدولية واتهام المقاومة بالإرهاب والتصويب على سلاحها». وشدد على أن «واجب المتظاهرين أن يعرفوا خلف من يسيرون». وقسّم المعتصمين إلى أقسام عدّة، فهناك «الوطنيون والصادقون. أحزاب سياسية معروفة. فئة تجمعات وتكتلات وكيانات سياسية جديدة تشكلت في الآونة الأخيرة. تجمعات ترتبط بأجهزة مخابرات أجنبية. فئة وشخصيات تعتبر أنّها تدير الحراك، بعضهم هم من الفاسدين والأشدّ فساداً. يوجد من يبحث عن ثأر سياسي. وآخرون لتثبيت موقع شعبي. ما الضمانات أنّهم لن يستغلوا الحراك؟ اكشفوا عن وجوهكم الحقيقية».
الكلمة الأخيرة كانت لجمهور المقاومة، داعياً إياه الى «أن يترك الساحات»، و«اتركوها للمقتنعين بها». أما للحلفاء ومن يتلاقى معهم حزب الله استراتيجياً، «وصلنا إلى مكان إذا رُفض الدخول في تفاوض، معنى ذلك وجود استهداف سياسي كبير بالبلد».