أمس، كان يوم طلاب لبنان بامتياز. تصرف هؤلاء على أنهم نبض الانتفاضة الشعبية. لازموا الشارع لأنهم شعروا بأن ما فعلوه منذ 17 تشرين الأول سيذهب هباءً لحظة عودتهم إلى المقاعد، أو هذا ما قاله بعضهم. وستسقط، في تلك اللحظة، آمال بنوها بتغيير مناهج تربوية بالية لم تعدّل منذ 23 عاماً، وبتنظيم امتحانات رسمية نظيفة، وبدخول الجامعة اللبنانية بلا وساطة سياسية أو طائفية، وبتجنيبهم نار الأقساط في الجامعات الخاصة.المئات من طلاب الثانويات الرسمية والخاصة سبقوا أساتذتهم في الاعتراض على واقع تربوي بائس. حملوا حقوقاً بديهية بتعليم رسمي جيّد ومجاني وفرصة عمل لائقة، إلى وزارة التربية التي لم تشهد باحتها الخارجية تظاهرة طالبية مماثلة منذ عقود. أعلنوا أنّ «لا دراسة ولا تدريس قبل أن يسقط الرئيس» ويلمسوا تغييراً حقيقياً.

(الأخبار)

المعتصمون استعاروا شعارات الانتفاضة التي رُفعت طيلة 21 يوماً. عكست هتافاتهم ضد «دولة التجار التي باعت الطالب بالدولار»، والمطالبة بـ«العلم والحرية والعدالة الاجتماعية»، ورفع الصوت في وجه «حكم المصرف والضرائب والسرقات والشبيحة والطائفية والإقطاعية
والعنصرية والذكورية» أملاً باستعادة حركة طالبية مفقودة منذ نحو 45 عاماً.
قطع الطلاب الطريق المحاذي لمبنى الوزارة وافترشوا الأرض مرات عديدة، رافعين أياديهم في إشارة إلى أنّ «ثورتنا سلمية»، وهتفوا: «مش طالعين من الشارع مش طالعين، يا عسكر عسكر على مين، على الطالب المسكين، إرمِ سلاحك والحقنا، يا عسكر إنت معنا». إلاّ أن الثانويين لم يفلحوا في إشراك طلاب بعض كليات الجامعة اللبنانية الواقعة في محيط الأونسكو، لا سيما كلية الإعلام وكلية التربية، وإن استقطب اعتصامهم عدداً خجولاً من كلية الآداب وكلية الحقوق ــ القسم الفرنسي، وجامعة بيروت العربية والجامعة اللبنانية الدولية.
وبالتوازي مع اعتصام العاصمة، انطلقت تظاهرات في المناطق، لا سيما في الأشرفية حيث توجه الطلاب الثانويون إلى فرع جامعة البلمند في المنطقة ودعوا طلابها إلى الانضمام إليهم.
كذلك نفذ تلامذة مدرسة الرسل في جونية مسيرة احتجاج انطلقت من محيط مدرستهم مروراً بمصرف لبنان، وعرّجوا على ثانوية جورج افرام الرسمية التي سمحت لطلابها بالالتحاق بهم، كما أوقفوا الدروس في مدرسة القرطباوي قبل أن يتوجهوا إلى قصر العدل، ومكتب شركة ألفا. من جهتهم، أقفل تلامذة ثانوية غزير الرسمية بوابة المدرسة ورفضوا دخول القاعات، تضامناً مع طلاب آخرين تظاهروا أمام ثانويتهم. ونفذ عدد من طلاب كلية العلوم - الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية في الفنار وقفة احتجاج داخل حرم الكلية.
أما في صيدا، فقد جابت تظاهرة طالبية لليوم الثاني شوارع المدينة، وعادت إلى ساحة التجمع المركزي في دوار إيليا. وفي طرابلس، تجمع عدد من طلاب الجامعات والثانويات في ساحة النور، ونظّموا مسيرة بعنوان «نحن وقود الثورة». واعتصم عدد من طلاب ثانوية بدنايل الرسمية أمام مبنى الثانوية. وفي النبطية، نظّم عدد من طلاب الجامعة اللبنانية الدولية وثانوية الصباح الرسمية وثانوية السيدة للراهبات الأنطونيات والمدرسة الإنجيلية في النبطية، مسيرة جابت شوارع المدينة وصولاً الى مصرف لبنان فالسراي الحكومي، مطالبين بإقالة الحاكم واستعادة المال المنهوب.