بين خيم المعتصمين على طول ساحتَي الشهداء ورياض الصلح، خيمة لـ«الدعم النفسي الأولي». فكما أن هناك خيمة للإسعافات الأولية «لمَ لا تكون أيضاً خيمة للإسعافات النفسية الأولية لدعم المتظاهرين نفسياً، جراء ما يواجههم من حالات قمع واعتداء؟». هكذا انطلقت الفكرة بحسب أستاذة علم النفس العيادي في الجامعة الأميركية بريجيت خوري. بعد التواصل مع عدد من «زملاء المهنة» (20 اختصاصياً واختصاصية في العلاج النفسي من الجامعات الأميركية واللبنانية واليسوعية وسيدة اللويزة إلى جانب طلاب في علم النفس) أُقيمت الخيمة التي تستقبل يومياً، مجّاناً، عدداً كبيراً من المتظاهرين للاستماع إليهم وتقديم الدعم النفسي الأولي لهم.ومن الطبيعي في مثل هذه الأوضاع الراهنة أن تتخبط المشاعر، ويسود التوتر وحالات عدم الاستقرار النفسي، «ولأنه ليس كل من نزل لديه خبرة سياسية والتجربة تجعله أصلب نفسياً تجاه ما يحصل، كانت فكرة الخيمة التي تستقطب فئة المراهقين تحديداً» وفق المعالجة النفسية من الجامعة اليسوعية زينة زيربه. وتلفت إلى أن كثيرين من المراهقين «يأتون إلينا حاملين تساؤلات ومخاوف من قمعهم ، ومنهم من لديهم خلافات مع أهاليهم بسبب الانقسام في الآراء السياسية، ومنهم من نزلوا بعفوية مع انطلاقة الانتفاضة بسبب ضيق الأحوال المعيشية، ويرون معاناة أهلهم في تحصيل أبسط مقومات الحياة». هؤلاء الأخيرون، وفق زيربه، «بدأوا بنفسية وبعزيمة عالية وخصوصاً في الأيام الأولى، وشعروا بأنهم تبنّوا الشارع والشارع تبنّاهم، ثم واجهوا حملات التضييق وتكسير الخيم، فشعروا بالإحباط وبالتعدي على مطالبهم وكيانهم».
لكن ما هو الدعم النفسي الأولي؟ يشرح القيّمون على الفكرة انه احتواء أولي للحالة النفسية التي يتخبط فيها بعض المتظاهرين، ما يخفف من حدّة المشكلة. «ففي هذه المساحة، نستمع في مدة لا تتعدى 15 دقيقة لهم، ونقول لهم وإن بشكل غير مباشر إنهم ليسوا وحدهم، وإن هناك من ينصت لهم ويفهم مشاعرهم.
تستقبل الخيمة يومياً عدداً كبيراً من المتظاهرين لتقديم الدعم النفسي لهم

وخلال هذه المدة نقيّم الحالة، ونحاول توجيه بعض النصائح البسيطة الأولية للتعامل مع الأزمة. لكن إذا شعرنا بأن الأمور عميقة، نحوّلهم إلى مراكز ومستوصفات تؤمن هذه المساعدة بأسعار مدروسة وزهيدة». والدعم النفسي الأولي يختلف كما تعقّب خوري عن المواكبة المهنية «التي لها إطارها الخاص المختلف، وتحتاج إلى وقت طويل يتمتع فيه الفرد بمساحة من الخصوصية…». وتستقطب الخيمة إلى هذه الفئة حشرية كبار السن، «يأتي بعض الكبار ممن أنهكتهم الحرب الأهلية، ويحملون خيبات الأمل من الماضي ويعربون عن الخشية من خيبة الأمل مجدداً».