في صيدا، كان هناك من لا يعرف من هو أبو عريضة، لا سيما من جيل ما بعد تحرير عاصمة الجنوب عام 1985. أمس، وبفضل «قتلة» تلقّاها من المتظاهرين والمتظاهرات، سقط القناع عن محمد الغرمتي و«تحوّل إلى هدف، هو ومَن يدافع عنه» بحسب البيانات التي تم تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي. خرج المتظاهرون صباح أمس، من ساحة اعتصامهم في تقاطع إيليا سيراً على الأقدام باتجاه شارع رياض الصلح حيث تجمّع المصارف والصرّافين. خطتهم كانت إقفال محالّ الصيرفة بعد انتشار ظاهرة السوق السوداء في المدينة ووصول سعر صرف الدولار إلى ألفي ليرة لبنانية. وصل المتظاهرون إلى محل يملكه الصراف حسن ط، الذي توجّه لهم بعبارات وحركات نابية، قبل أن يؤازره الغرمتي. وما إن همّ بالتهجم على الجموع، حتى عاجله المتظاهرون والمتظاهرات بالضرب واللكمات. ابنه سارع لنجدة والده، فنال نصيبه من الضرب. «القتلة» لم تكن تسديداً لحساب تحرّك أمس، بل تسديداً لحساب بمفعول رجعي منذ السبعينات حين كان الغرمتي في حركة فتح، قبل أن يلتحق بعصابات عملاء إسرائيل. مذّاك، نُسبَت له المشاركة في جرائم عدة، أبرزها إحراق كنيسة الموارنة ومحاولة اغتيال النائب الراحل مصطفى سعد بتفجير سيارة مفخّخة واغتيال القيادي في التنظيم الشعبي الناصري رفيق بشاشة والتسبّب باشتباكات وقصف المدينة، ما أوقع شهداء وجرحى (...). غادر أبو عريضة صيدا مع اندحار جيش العدو الإسرائيلي عام 1985، قبل أن يعود من بوابة الأجهزة الأمنية اللبنانية، كمُخبر لها. أسرته اسرائيل على خلفية تسليم العميل احمد الحلاق للدولة، وخرج ضمن صفقة تبادل عام 2004. لم تُطهّر سنوات الأسر ماضي أبو عريضة صيداوياً. لكن الأخير لم يأبه بالتوبة أصلاً. راكم طوال السنوات اللاحقة سلوكيات لم تنفصل عن سابقاتها في تفريق الصيداويين.
التحق برجال فيلا مجدليون ثم انضمّ إلى قافلة أحمد الأسير

التحق برجال فيلا مجدليون ثم انضمّ إلى قافلة أحمد الأسير. وبين هذا وذاك، سُجل له حضور دائم في اختبارات الشارع الدقيقة، منها الاشتباك بين أصحاب المولدات قبل عامين الذي أودى بقتيلين. برغم كل ذلك، يمشي أبو عريضة في بوابة الجنوب ملكاً. يتنقّل بين صيدا القديمة والـ«إكسبرس» العائدة لابنه الذي حظي بترخيص لها بدعم من أحمد الحريري وبين محالّ الصيرفة والمسجد. يمشي ملكاً من دون أن يتمكن أيّ من المقاومين أو من الذين يُتهم بالتسبب باستشهاد أو اعتقال قريب له أو تدمير منزله، بأن يثأر منه. كان معلوماً بأنه يحظى بسند رباعي الأبعاد من الأجهزة والقضاء وزعماء السلطة وذوي الذاكرة المثقوبة. «قَتْلة» المتظاهرين والمتظاهرات صفعت ذلك السند.
على صعيد متصل، استمر إقفال تقاطع إيليا أمام حركة السير منذ ليل الثلاثاء عقب انتهاء بثّ خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون. أعاد المحتجون نصب الخيم في وسط الطريق. ويوم أمس، جالوا على عدد من الإدارات الرسمية وأقفلوها بالقوة. ومساءً، أضاؤوا الشموع تحية للشاب علاء أبو فخر الذي قُتل خلال قطع الطريق في خلدة. التضامن مع أبو فخر تكرّر مساءً في صور والنبطية وكفررمان، حيث لم تُقطع الطرقات، بل التزم المحتجون خيم الاعتصام المفتوح.