كسر رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين بانتخابه أمس رئيساً لاتحاد بلديات الفيحاء، عرفاً ساد في الاتحاد منذ تأسيسه في 25 أيار 1982، يقضي بانتخاب رئيس بلدية طرابلس رئيساً للاتحاد، ورئيس بلدية الميناء نائباً له، في تطوّر غير مسبوق ترك ارتدادات في عاصمة الشمال.انتخاب رئيس جديد للاتحاد كان يُفترض أن يجري منذ انتخاب رياض يمق رئيساً لبلدية طرابلس في 1 آب الماضي، بعدما سحبت بلدية المدينة الثقة من رئيسها السابق أحمد قمر الدين في 16 تموز الفائت. الجلسة التي دعا إليها محافظ الشمال رمزي نهرا في 7 تشرين الأول المنصرم لانتخاب رئيس للاتحاد لم تصل إلى خاتمتها، إذ لم يحضرها سوى يمق، وغاب عنها رؤساء بلديات الميناء علم الدين والبداوي حسن غمراوي والقلمون طلال دنكر، ما أعطى مؤشراً بأن ليس هناك توافق على تكريس العرف بانتخاب يمق.
أمس حضر رؤساء البلديات الأربع إلى مكتب المحافظ نهرا لانتخاب رئيس جديد للاتحاد. وبعدما أعلن يمق خلال الجلسة ترشّحه لرئاسة الاتحاد فوجئ بترشح علم الدين، فما كان منه إلا أن انسحب اعتراضاً على كسر العرف. لكن الجلسة استمرت في الانعقاد لتوافر النصاب فيها، وانتُخب علم الدين رئيساً للاتحاد وغمراوي نائباً له، بـ3 أصوات لكل منهما، ما يؤكد أنه كان هناك اتفاق مسبق بين علم الدين وغمراوي ودنكر.
يمق أعلن أنه لن يقبل «إقصاء بلدية طرابلس»، وكشف أنه قدّم «إخباراً لفتح ملفات فساد داخل الاتحاد، منها المسلخ ومعمل فرز النفايات وغيرهما». ودعا إلى جلسة طارئة لبلدية طرابلس مساء أمس، على وقع ضغط شعبي كبير بعدما احتشد مئات المواطنين مطالبين بإعادة «الحق» إلى المدينة وأعلن أن البلدية «اتخذت قراراً بتجميد مساهماتها في الاتحاد»، والتي تمثل حوالى 80 في المئة من موازنته. كما اتخذ المجلس البلدي «بالإجماع قراراً بالانسحاب من اتحاد بلديات الفيحاء».
علم الدين، من جهته، أكّد أنه لم يكن ليترشح «لو لم أكن أعلم أن هناك شريحة كبيرة من مدن الاتحاد تدعمنا، نظراً لخبرتي ونجاحي في العمل البلدي»، مشيراً إلى رغبته بـ«تصحيح الأخطاء المتراكمة التي ارتُكبت في الاتحاد»، ولافتاً إلى أن «البعض يتهم الاتحاد بالفساد. لكن السلطة التنفيذية في الاتحاد كانت دائماً من نصيب بلدية طرابلس، ما يعني أنهم يتهمون الرؤساء السابقين للاتحاد بالفساد».
مصادر في بلدية طرابلس لفتت إلى أن يمق «لم يتمكن منذ انتخابه من كسب ثقة أعضاء الاتحاد وإقناعهم بانتخابه، وكان يعتقد أن العرف يتقدم على القانون».
مصادر سياسية رأت أن انسحاب بلدية طرابلس من الاتحاد «لن يمر بهذه السهولة، فالأمر ليس مزحة، إذ أن على البلدية ديوناً للاتحاد تبلغ نحو 18 مليار ليرة لبنانية، كما أن بلدية طرابلس لا تستطيع عدم دفع مساهمتها المالية في الاتحاد، لأنها تُحوّل مباشرة من وزارة المالية، عدا عن أنه ليس من مصلحتنا الانسحاب من الاتحاد الذي خصّص لطرابلس مليارين ونصف مليار ليرة للتزفيت».
انتخاب علم الدين كسر عرفاً عمره 37 عاماً ورفض ميقاتي والمستقبل «مزايدة شعبوية»


وبرغم تنويه كثيرين بنظافة يد يمق، إلا أن أعضاء في بلدية طرابلس رأوا أن «هناك عدّة اعتبارات كان يُفترض توافرها فيه لانتخابه، لم تتوافر لديه، إذ لا علاقات شخصية بينه وبين أعضاء الاتحاد، كما أنه يفتقد إلى الخبرة في العمل البلدي مقارنة بأعضاء الاتحاد الآخرين».
وفضلاً عن الرفض الشعبي، قوبل انتخاب علم الدين برفض سياسي، إذ دعا الرئيس نجيب ميقاتي إلى «تصحيح ما جرى وإعادة جلسة الانتخاب». كذلك دعت منسقية طرابلس في تيار المستقبل إلى «إعادة جلسة الانتخاب، وتطبيق العرف عبر انتخاب يمق». وهما موقفان اعتبرتهما مصادر سياسية «مزايدة شعبوية... إذ لو كان ميقاتي والمستقبل يريدان انتخاب يمق لما قبلا بعقد الجلسة، وكانا ضغطا لتطييرها كون رؤساء البلديات الثلاثة مقربين منهما». المصادر نفسها رأت أن خسارة مدينة طرابلس رئاسة اتحاد بلديات الفيحاء «تعكس تراجع دورها وتشرذم قواها وضعف مرجعياتها السياسية في السنوات الأخيرة».
تيار الكرامة الموالي للنائب فيصل كرامي اعتبر أن انتخاب رئيس بلدية الميناء رئيساً لاتحاد بلديات الفيحاء هو «في النهاية عمل ديمقراطي وانتخابي سليم، ولو أتى مخالفاً للعرف، ولا يجوز تحت أي ذريعة أن نحوّل المسألة إلى مشكلة بين أهالي طرابلس والميناء، وحلّ هذا الخلاف يكون عبر الحوار، وليس عبر الإعلام والبيانات والمواقف المتشنّجة وتحريض الأهالي على بعضهم البعض».