مخالفة جديدة اقترفتها النيابة العامة في قضيّة المخرج ربيع الأمين، إذ أصدرت بحقّه، أمس، إجراءاً «عقابياً» خارجاً عن صلاحيّاتها، قضى بإنزال عقوبة «التوقيف التكديري» بحقّه لمدّة ساعتين. التوقيف التكديري، أو الاحترازي، يعدّ إجراءً عقابياً يتّخذ من قضاء الحكم، لكنه عقاب اتخذته النيابات العامة بما يتعدّى صلاحيّاتها على أكثر من ناشط أو معتقل خلال الانتفاضة الشعبيّة، ومن الأمثلة السابقة إشارة مفوّضة الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضية منى حنقير لتوقيف دانا حمود حتى صباح اليوم التالي في مخفر الأشرفية (على خلفيّة التعرّض لعنصر قوى أمن)، قرار القاضية غادة عون الإبقاء على الموقوفين الأربعة في سرايا جونية وزيارة نقيب المحامين محلم خلف لهم وتصريحه «بأننا نقف عند مبدأ قانوني وهو أن التوقيف الاحترازي ليس بعقوبة ولا يمكن تحويله الى عقوبة».الأمين وصل إلى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية الثامنة صباحاً، وحُقّق معه بشأن الفيديو الذي ظهر فيه متحدّثاً إلى الإعلام عن العبارات المسيئة التي طلب منه حذفها بحق المصرفي مروان خير الدين صاحب الشكوى ضدّه. وبناء على إشارة المحامية العامة ساندرا خوري، أوقف الأمين بين الساعة 12:30 و2:30 بعد ظهر أمس، ووقّع على تعهّد بعدم التعرّض لخير الدين بالإهانات الشخصيّة. هذا التوقيف «هو شكل من أشكال العقاب، الذي لا يحقّ للنيابة العامة اتّخاذه إذ إن صلاحيّاتها تشمل الادعاء أو الحجز وتحويل الموقوف مخفوراً إلى المحكمة»، وفق عضو لجنة المحامين المدافعين عن المتظاهرين المحامي أيمن رعد، وعليه يعلّق على إشارة خوري بأنّها «إجراء غير قانوني وهو ليس من صلاحيّة النيابة العامة بل من صلاحيّة قضاء الحكم».
خلال التحقيق معه بشأن الفيديو (حديث إلى قناة «الجديد»)، قدّم الأمين وفق معلومات «الأخبار»، مطالعةً حول المصارف والقضاء، قبل أن يُختم التحقيق ويُترك بسند إقامة. وهو بذلك، يكون قد خضع للتحقيق للمرة الثانيّة في المكتب المذكور بسبب «مخالفة إشارة النيابة العامة (الأولى) بعدم التعرّض لخير الدين» في الفيديو الذي صرّح به لدى خروجه من التحقيق الأول يوم الاثنين، بعد الاستماع إلى إفادته في الشكوى المرفوعة ضدّه من بنك الموارد ورئيس مجلس إدارته ومديره العام خير الدين. تُرك الأمين الاثنين رهن التحقيق، على أن يزور المكتب صباح الثلثاء للتأكد من حذفه العبارات المسيئة، بإشارة من خوري. مع التذكير بأن الإشارة أيضاً لم تكن قانونيّة وفق المحامين، لأن أمر حذف المنشورات عبر مواقع التواصل يفترض أن يتخذ من محكمة الأساس. لكن المكتب أعاد استدعاء الأمين في الليلة نفسها، ولم يحضر لوجوده خارج بيروت ولعوارض صحيّة أصابته، إذ دخل المستشفى في اليوم التالي وأُجّل الموعد إلى صباح أمس لاستكمال التحقيق معه. وهذه أوّل دعوى تُرفع منذ بدء الانتفاضة من مصرفي ضدّ ناشط على خلفيّة منشورات عبر «فايسبوك»، وتتحرّك على أساسها النيابات العامة بما يخالف صلاحيّاتها ومعها المكتب المذكور.
التوقيف التكديري، أو الاحترازي، إجراء عقابي يتّخذ من قضاء الحكم


يُذكر أن محامين من لجنة المحامين للدفاع عن حقوق المتظاهرين يتابعون قضيّة الأمين، الذي يجري التحقيق معه بسبب دعوى جزائية رفعها خير الدين ضدّه على اعتبار أن «منشوراته الجارحة تضمّنت تهديداً له ولأولاده وتحريضاً على القتل». في حين أن منشورات الأمين المستفزّة، جاءت ردّاً على صور نشرها المصرفي والوزير السابق أثناء رحلة صيد خارج لبنان، واتهامه الشعب اللبناني بالبذخ، ودعوته الناس إلى التقشّف وترويجه لتحويل الودائع من الدولار إلى الليرة. وعليه نظّم عدد من المتضامنين مع الأمين إلى وقفة أمام المكتب في ثكنة العقيد جوزيف ضاهر، رفضاً لـ«حرب المصارف والمصرفيّين ضدّ المواطنين والناشطين».