لم يكد البطريرك الماروني بشارة الراعي يحطّ في بيروت مساء أمس آتياً من ألمانيا، حتى استقبل رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في بكركي، بعد وقت قصير من وصوله. كلام الراعي في مطار بيروت يعكس الانطباعات التي نُقلت عن بكركي في الأيام الماضية لجهة دعمها مبادرة الرئيس سعد الحريري، بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية. وقال الراعي: «نحن حيّينا تلك المبادرة، ونحن منذ فترة نطالب الكتل السياسية والنيابية بضرورة القيام بمبادرة لفتح الباب على الاقل للتشاور والتفكير والتوافق»، مضيفاً أن «مبادرة الحريري لها قيمتها وهي مبادرة جدية، لذلك نقول إن الباب قد فتح حتى يستطيع كل الفرقاء التحدث بمسؤولية عن الحل الأنسب». وأكد البطريرك الماروني: «سنتصل بكل المعنيين حتى نصل إلى الحقيقة، إلى مخرج للأزمة التي أصبح عمرها سنة وسبعة أشهر»، وتوجه إلى كل الفرقاء في لبنان بالقول إنه «أمام هذا الواقع المستجد والمبادرة الجديدة لانتخاب الرئيس، ليكن الهمّ الاساسي هو حماية الجمهورية اللبنانية والمؤسسات الدستورية»، مشيراً إلى أن «التوافق لا يقتضي فرضاً ولا رفضاً، بل السير سوية نحو الخروج من هذه الازمة». وعلمت «الأخبار» أن موقفاً مشابهاً لكلام الراعي سيصدر اليوم بعد اجتماع المطارنة الموارنة، وأن الراعي سيقوم بسلسلة اتصالات بالقادة الموارنة وزيارات في الأيام المقبلة، من بينها تقديم واجب العزاء لرئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون. وأشارت مصادر لـ«الأخبار» إلى أنه «جرى البحث في كل نقاط المبادرة خلال زيارة فرنجية للراعي، ومن بينها قانون الانتخاب، والتأكيد على أن قانون الستين مرفوض من قبل غالبية اللبنانيين».
فرنجية: «كرئيس للجمهورية" سأعمل على قانون انتخاب ينصف التوازن الوطني
من جهته، قال فرنجية بعد زيارته للراعي إنه «كرئيس للجمهورية سأعمل دائماً على قانون انتخاب ينصف التوازن الوطني ويعطي تمثيلاً حقيقياً لباقي الطوائف، وإذا كان لدى الفريق الآخر هواجس، فمن واجبي تطمينه». فرنجية ردّ على حملات استهدافه على خلفية علاقته بسوريا والرئيس بشار الأسد، متسائلاً: «لماذا لا تعتبر علاقتي بالرئيس بشار الأسد نقطة قوة، وليس نقطة ضعف؟»، مؤكّداً: «لا أطلب من الفريق الآخر تبنّي مواقف 8 آذار ولا يمكن للفريق الآخر أن يطلب مني أن أتبنى مواقف 14 آذار، والأهم هو حماية لبنان». ومن بكفيا، حسم السفير السعودي علي عواض العسيري «مباركة» السعودية مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية. وقال العسيري «نحن نبارك هذه المبادرة، وحرصاء على ملء هذا الفراغ الرئاسي، لأن البلد والمؤسسات والوضع الاقتصادي في البلد بحاجة إلى هذا التسريع، ليكون هناك رئيس للبنان». العجلة السعودية في الوصول إلى انتخاب رئيس، برّرها العسيري، ردّاً على سؤال، بالشعور بأن «هناك تطورات في المنطقة قد تنعكس على لبنان. نحن نتخوف من التطورات في الدول المجاورة في الإقليم، وفي سوريا بالتحديد، ونرى تحصين لبنان بوجود رئاسة فيه، ويجب أن يكون هناك توافق لبناني ــ لبناني وإخراج جيد ينعكس على كل مؤسسات الدولة». وعبّر العسيري بعد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل عن «مدى حرص المملكة ليكون هناك حوار مسيحي ــ مسيحي، وأن يكون سريعاً». ولفت إلى «أننا نشارك النائب الجميّل والكتائب همومهم تجاه مستقبل البلد، ولكن نتمنى أن نرى نتائج سريعة وحواراً بنّاء بين القوى المسيحية». لكنّ مباركة السفير السعودي للمبادرة من منزل الجميّل، لا تعكس بالضرورة تمكّن العسيري من انتزاع موقف «مبارك» أيضاً للمبادرة من الجميّل، إذ علمت «الأخبار» أن الجميّل بدا في لقاء أمس أكثر رفضاً للمبادرة، ومنسجماً مع موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بالرفض، في تمايز واضح للموقف الكتائبي الذي بقي «متأرجحاً» في الأيام الماضية. وكان ترشيح الحريري لفرنجية مدار بحث بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والحريري الذي التقاه في قصر الإليزيه في باريس، لوضعه في أجواء الاتصالات. وقال الحريري بعد اللقاء: «الآن هناك حوارات قائمة والأجواء إيجابية إن شاء الله، والأيام المقبلة ستظهر أن لبنان سيكون بألف خير بإذن الله». وعلمت «الأخبار» أن الرئيس الفرنسي رحّب بالوصول إلى تفاهمات تنهي الفراغ في الرئاسة «من ضمن اتفاق لبناني وإقليمي ودولي واسع». وعلّق الوزير بطرس حرب، بعد زيارة قام بها لمنزل الحريري في باريس، على ترشيح فرنجية بالقول إن «القضية ليست قضية أشخاص، بقدر ما هي قضية برنامج وتصور وتوجه والتزام بالمبادئ الوطنية والسيادية التي نناضل من أجلها»، مشيراً إلى أنه جرى التداول في موضوع ترشيح فرنجية مع الحريري، وظروفه، و«في ما يجب توفيره من ضمانات لكل اللبنانيين، وعدم تكريس انتصار فريق على آخر أو استئثار فريق سياسي بالحكم في لبنان على حساب الآخر».