بينما كان طلاب كلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية يبادرون إلى التطوع لمكافحة «الكورونا» في تحدٍ واضح لتهميش الدولة لجامعتهم، كانت إدارة الجامعة تستعد - على المقلب الآخر - لإعلان «صفقة» رؤساء أقسام جدد قوامها: 12 رئيس قسم من مستشفى الزهراء ينتمون إلى حركة أمل، والباقون يعملون في مستشفى الجعيتاوي ومنتمون إلى التيار الوطني الحر.لم ينتظر الطلاب أن يكافأوا على تحمّلهم مسؤولياتهم الوطنية والمهنية بقرار سياسي يهبط عليهم فجأة، و«لا يراعي المؤهلات العلمية والسيرة الذاتية للأساتذة المكلفين». كان هؤلاء يتطلعون إلى أن يكون لهم مستشفاهم التدريبي الخاص، وأن ترفد كليتهم بمزيد من الدعم الأكاديمي، خصوصاً أن سمعتها السابقة بنيت بفضل أساتذة أطباء مشهود لهم بالنتاج العلمي. إلاّ أنّ ما حصل هو استبعاد الكفوئين وتعيين أسماء غير مشجعة، على الأقل بالنسبة إلى الطلاب، لكون «معظمهم غير أكاديميين، ما سيؤدي إلى استباحة الكلية من قوى الأمر الواقع وتفويت فرصة التطوير البحثي عليها».
وبحسب مصادر طلابية، يعزف بعض المكلفين الجدد عن المشاركة في اللقاءات العلمية التي يعقدها عادة رؤساء الأقسام، كل أسبوعين، بهدف مناقشة حالات مرضية والتفكير في طرائق علاجها.
عميد الكلية بيار يارد رفض الإدلاء بأي تعليق، في حين نقلت المصادر الطلابية عنه أنّه لم يوافق على سلة التعيينات الجديدة. وفي التفاصيل التي ترويها المصادر، أنّه في 19 تشرين الأول الماضي، عمّم رئيس الجامعة فؤاد أيوب على الكليات اقتراح أسماء لرؤساء أقسام جدد. إلّا أن يارد وجد نفسه غير معني بالتعميم، نظراً إلى أن الكلية تحظى بخصوصية معينة، وأنّ العميد يختار رؤساء الأقسام بناءً على السيرة الذاتية. بعدها طلبت رئاسة الجامعة من العميد أن يرفع أسماء كل أعضاء الأقسام ليجري انتقاء رؤساء من بينهم.
الصفقة تمت بالتنسيق بين رئيس الجامعة ورئيس مجلس إدارة مستشفى الزهراء


وعلمت «الأخبار» أن تشكيلة المكلفين الجدد برئاسات الأقسام نضجت بالتنسيق بين رئيس الجامعة ورئيس مجلس إدارة مستشفى الزهراء يوسف فارس الذي يشغل في الوقت نفسه منصب مساعد العميد ومستشار الرئيس، ومن ثم جرى التفاوض مع يارد.
واستند ذلك إلى اعتبار مجلس الكلية بحكم المنحل، لانتهاء ولايته، وأن رئيس الجامعة استخدم صلاحياته في هذا الشأن.
إلاّ أنّ في حوزة أيوب رواية أخرى تقول إنه طلب تعيين رؤساء جدد بعدما مضى على ولاية بعض الرؤساء الحاليين ما بين 7 و12 سنة، «جرى اختيار الأسماء بناءً على اقتراح من العميد ومن العنصر الشاب ممن يتمتعون بالكفاءة، وهم موجودون على «american board»، مشيراً إلى أنّ الحملة ضد هذه التعيينات لا تعدو كونها تشويهاً للسمعة الجيدة للكلية.