يرفَع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مُعادلة جديدة في وجه الحكومة والحلفاء: «إما ما يُريده جبران باسيل أو لا شيء». وما يريده رئيس تكتّل «لبنان القوي» اليوم هو معمَل «سلعاتا» بأي شكل. لم يستسلِم باسيل لنتيجة التصويت في مجلِس الوزراء التي أتت بغير ما يتمنّاه. التفّ من خلف الحكومة باتجاه الحلفاء (تحديداً حزب الله) لإعادة تبنّي خطة الكهرباء، كما طرحها وزير الطاقة ريمون غجر. لكن موقِف الحزب الذي صوّت على اقتراح السير بالمرحلة الأولى من الخطة والمتعلقة بمعملي دير عمار والزهراني، على أن تُستكَمَل لاحقاً بسلعاتا في حال دعَت الحاجة، لم يتبدّل. أبلغ الحزب عون وباسيل بذلِك قبلَ الأعياد، فسُحب فتيل التوتير مؤقتاً، إلى أن فاجأ عون الجميع، أول مِن أمس، بردّ قرار مجلس الوزراء حول خطة الكهرباء، مُستخدماً صلاحياته الدستورية، وطالباً من الحكومة إعادة النظر فيه، وسط رصد دقيق لتداعيات ذلِك على جلسة مجلِس الوزراء التي تنعقِد غداً. وحتى مساء أمس كانَت المفاوضات بين التيار الوطني وحزب الله لا تزال جارية لتوفير أجواء إيجابية تضمَن تمرير المعمل، غيرَ أن الحزب باقٍ على موقفه، في ظلّ معلومات أن الاقتراح سيسقط مرة أخرى، إذ يحتاج إلى موافقة 11 وزيراً. وعلمت «الأخبار» أن «حركة أمل أبلغت حارة حريك أنها ستعاود التصويت ضد سلعاتا»، فيما اعتبرت مصادِر مقرّبة من التيار أن طرح الخطة مجددّاً لا يخدم التيار ولا رئيس الجمهورية؛ فمعمل سلعاتا مرفوض بالدرجة الأولى من الرأي العام، وفي حال سقوطه مرة أخرى في مجلِس الوزراء، فإن ذلِك سيُحرج عون وباسيل معاً، وإذا جرى تمريره، فيعني ذلِك إضعاف رئيس الحكومة. واستغربت مصادر حكومية هذا الإصرار الذي يفتح الباب على الكثير من السيناريوات، قد يكون أهونها الصدام داخل مجلس الوزراء.ومع انتهاء عطلة الأعياد، عادت البلاد إلى برنامج عمل، بدأ أمس باجتماع اللجنة الفرعية التي انعقدت في ساحة النجمة برئاسة النائب إبراهيم كنعان، وحضور وزير المالية غازي وزني وجمعية المصارِف لتوحيد الأرقام الواردة في خطة الحكومة. وقد أقرّ وزني، بحسب مصادِر في الجلسة، بأن الحكومة «أخطأت في عدم التنسيق مع المصارف»! ولفت إلى اجتماعات مُكثفة ستبدأ أول الأسبوع بين وزارة المالية وممثلين عن المصارف لتوحيد الأرقام.
ويستكمَل هذا «الازدحام» في الجلسة التشريعية التي تنعقد اليوم في الأونيسكو، وعلى جدول أعمالها عدد من اقتراحات ومشاريع القوانين المثيرة للجدل؛ فبعد سحب اقتراح قانون «الكابيتال كونترول» وإعادته إلى اللجان من أجل «تعديله»، بسبب وجود ملاحظات كثيرة عليه من صندوق النقد الدولي والمصارف وعدد من الجهات، تتعلّق «بالآليات التي تفرض على المصارف الالتزام بالتحويلات، ونوع التجارة التي تعتبر ضرورية وسقف التحويلات لتأمينها»، يعود اقتراح قانون العفو الذي أقرّته اللجان المشتركة ليشكّل، ليس مادة خلافية بين الكتل وحسب، بل ما هو أخطر بعدما أحدث انقساماً طائفياً حوله، ستحمله الكتل معها اليوم إلى الجلسة التشريعية. المادة الثامنة من الاقتراح، والمتعلقة بعودة عائلات العملاء من فلسطين المحتلة والعفو عن اللبنانيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية في حال تخلوا عنها، بقيت تخضع للنقاش حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، ومن دون ان تُحسم وجهة التصويت عليها. وتحدّثت مصادر «كتلة التحرير والتنمية» عن «اتفاق ضمني بينَ حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي على إسقاط هذه المادة»، فيما قالت مصادر اخرى من الكتل المذكورة أن الامر لم يُحسم بعد.
حتى مساء أمس كانَت المفاوضات بين التيار الوطني الحر وحزب الله لا تزال جارية بشأن «سلعاتا»

في المقابل، عُقد اجتماع ليلَ أمس بين كتل «الجمهورية القوية» و«لبنان القوي» و«الكتائب»، في حضور النائبين شامل روكز وميشال معوض، لبحث آخر الصيغ بشأن جلسة اليوم، و«وتوحيد الموقف المسيحي» كما قالت مصادِر مطلعة. ولفتت المصادِر الى أن «هناك إصراراً على بند المبعدين (إلى فلسطين المحتلة) كما جرى الاتفاق عليه في اللجان»، واعتراضاً على المادة التاسعة من الاقتراح التي تنص على خفض العقوبات على جميع المحكومين الذين أمضوا ثلاثة أرباع مدة العقوبة الواجبة عليهم. في المقابل، أشارت مصادِر نيابية إلى أن الاجتماع «ضم النواب جورج عطا الله وجورج عدوان ونديم الجميل ومعوض وروكز، وهؤلاء كانوا على تواصل دائم خلال نقاش القانون للتنسيق بشأنه، والاجتماع الذي عُقِد أمس يصبّ في هذا الاتجاه». وقالت المصادِر إن الجلسة التشريعية مُخصّصة اليوم لتمرير «مشروع خطة الأمان الاجتماعي والتحفيز، المحال من الحكومة، بقيمة 1200 مليار».
وإلى جانِب التباينات الحكومية حول ملف الكهرباء، تحلّ التعيينات بنداً أساسياً على جدول أعمال مجلس الوزراء غداً لأربعة مواقع هي: محافظ مدينة بيروت، رئيس مجلس الخدمة المدنية، المدير العام لوزارة الاقتصاد والمدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة. ولفتت مصادِر وزارية إلى أن الاتفاق أنجز بشأن التعيينات في الطاقة والاقتصاد بين حزب الله وحركة أمل، وتقرر تعيين محمد أبو حيدر (الاقتصاد) وغسان نور الدين (الطاقة)، فيما لم تحسم بعد مسألة الموقعين الآخرين، بسبب سقوط الاتفاق السابق بين عون وباسيل من جهة، ودياب من جهة أخرى. فالاتفاق قضى سابقاً بأن يتولى دياب اختيار مرشح لمنصب محافظ بيروت (بترا خوري)، في مقابل اختيار عون وباسيل مرشحاً لرئاسة مجلس الخدمة المدنية (أحمد عويدات). وبعدما أسقِط خيار دياب في محافظة العاصمة، من دون أن يلقى دعم عون وباسيل، لم يعد معلوماً إذا ما كان رئيس الحكومة سيدعم مرشحهما لرئاسة «الخدمة المدنية»، رغم حسم اسم المرشح لمنصب المحافظ، وهو القاضي مروان عبود. وتحدّثت مصادر حكومية عن احتمال اقتراح دياب تعيين القاضي يحيى غبّورة رئيساً لمجلس الخدمة.
في سياق آخر، وعلى وهج الإشكالات المتجددة بين أهالي عددٍ من بلدات الجنوب و«اليونيفيل»، وإثارة ملف قوات الطوارئ في لبنان لجهة تقليص عديدها وتوسيع صلاحياتها، زارَ رئيس الحكومة مقر قوة «اليونيفيل» في الناقورة في الذكرى الـ42 لإنشائها، رافضاً المساس بمهمّتها، ومؤكداً أن «لبنان متمسك بتطبيق القرار 1701، ونطالب الأمم المتحدة بفرض تطبيقه على العدو الإسرائيلي». ولفت إلى أن «الحاجة إلى اليونيفيل لا تزال ضرورية ومُلحّة في ظل المحاولات الإسرائيلية لزعزعة الاستقرار». ورغم أن الزيارة مقررة سابقاً، أطلق دياب موقفاً بدا رداً على الموقف الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أول من أمس، عندما قال في مقابلته مع «إذاعة النور»: «إذا أرادت اليونيفيل أن ترحل، فلترحل، وإذا أرادت البقاء فنحن لا نمانع».



شينكر: ندرس عقوبات على حلفاء حزب الله
في سياق التهديدات الأميركية اليومية للبنان، كرّر مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر موقِف بلاده من الأزمة المالية والاقتصادية، ونظرتها إلى الحكومة اللبنانية، ملوّحاً بعقوبات قريبة على حلفاء المقاومة. وأشار إلى أن «الحكومة اللبنانية تواجه تحديات كبيرة وأزمة مالية وصحية، وهذا نتاج سنوات من الفساد وسوء الإدارة وتبعات الحرب في سوريا، وحزب الله اليوم جزء من الحكومة اللبنانية». وفي مقابلة مع قناة «فرانس ٢٤»، قال شينكر إن «رئيس الحكومة حسان دياب قدم خطة اقتصادية، ونحن ننتظر كي نرى التزام الحكومة بالإصلاح، وهل سيمضون قدماً بهذه الإصلاحات وتنفيذها، وليس فقط بالتشريع والإعلان عنها، وعندها نرى موقفنا من دعم لبنان في ما يتعلق بملفه في صندوق النقد الدولي». وأضاف أن «حزب الله جزء من هذه الحكومة، وهو ليس بالمنظمة المعروفة بدعمها الإصلاحات». وحول إمكانية فرض عقوبات تطال شخصيات من التحالف السياسي الداعم لهذه الحكومة، أجاب شينكر: «نعم، ممكن، وننظر في هذا الأمر، هناك حزمة من العقوبات ننظر فيها، ونتمنى أن ننفذ بعضاً منها قريباً».