ألكسندرا نجّار، طفلة عُمرها ثلاث سنوات، توفيت اليوم مُتأثرة بجروحها التي أُصيبت بها في انفجار 4 آب. انضمت إلى الـ154 شخصاً قُتلوا في هذه الجريمة، التي أصابت أيضاً قرابة الـ5000 شخص بجروح، «120 منهم حالاتهم حرجة، خصوصاً أنّ الزجاج المتطاير أدّى إلى إصابات بليغة تحتاج إلى عمليات جراحية دقيقة»، كما أعلن وزير الصحة، حمد حسن. «زلزال» هو ما تعرّض له البلد قبل ثلاثة أيام، وأكبر من أن يتمّ طيّ صفحته بسهولة. الفاتورة الباهظة على المستويات كافة التي دفعها قسم كبير من المواطنين لا تُعوّض، ولكنّ ذلك لا يعني أن تمرّ الجريمة من دون مُحاسبة المسؤولين عنها، أكانوا مُباشرين أم غير مُباشرين. فكلّ من كان له اطلاع على الملفّ، وكلّ مسؤول في مرفأ بيروت، «مُشتبه به» على الأقل لأنّه لم يتمكّن من التزام واجبات وظيفته وحماية المرفق العام. مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة فادي عقيقي أشار بتوقيف 16 شخصاً (7 منهم لدى فرع المعلومات والباقون لدى الشرطة العسكرية)، إلّا أنّ معظم هؤلاء كانوا عمّال تنظيفات وصيانة. والنيابة العامة التمييزية، طلبت من هيئة التحقيق الخاصة تجميد حسابات ورفع السرية المصرفية عن المدير العام للجمارك بدري ضاهر، مدير المرفأ حسن قريطم، المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي، ونعمة البراكس ونايلة الحاج وجورج ضاهر وميشال نحول. وأصدرت النيابة العامة قراراً بمنع سفر المذكورين. واستُدعي إلى التحقيق اليوم كلّ من ضاهر ومرعي. الثاني لبّى الاستدعاء، ولكن أين ظهر المدير العام للجمارك؟ ليس في قصر عدل بيروت، بل على شاشة الـ«ال بي سي آي» لينفي أن يكون قد رفض المثول أمام المُحقّقين. خرج يُدافع عن نفسه، وهو الأمر الذي يقوم به منذ ليل 4 آب، بعد أن أشارت معلومات إلى رفضه المثول أمام جهاز عسكري. لا بل إنّ بدري «مُنزعج» من كيفية تسريب قرار هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان! أحد المُشتبه بهم الأساسيين في جريمة مرفأ بيروت، لا يُريد أن يمثل أمام أيّ جهاز عسكري، هو الذي يُجاهر ليل نهار بـ«عدم مسؤولياته» عن الانفجار، وبأنّه سبق أن «قمتُ بواجباتي». ولكنّه عِوَض أن يُلبّي الاستدعاء إلى التحقيق، ويُسلّم ما يملك من المُستندات، مُتذرّعاً بأنّه لم يتمّ إبلاغه بالطرق القانونية. علماً أنّ وزير المال، غازي وزني أعلن عبر «الجديد» أنّ «مدّعي عام التمييز ليس بحاجة إلى إذن لملاحقة مدير عام» في حالة الطوارئ المفروضة. المعلومات أيضاً تحدّثت عن «حماية» توفّرها له وزيرة العدل، ماري كلود نجم، التي أشارت إلى عدم «احترام الأصول»، إلّا أنّ الوزيرة نفت أيضاً أن تكون تحمي بدري ضاهر.
يسود خوف بين الرأي العام بأن «تُلفلف» القضية، على جري «العادة اللبنانية». رئيس الجمهورية ميشال عون قال إنّ «التحقيق بكارثة انفجار مرفأ بيروت سيشمل المسؤولين المباشرين. والعزاء لا يكون إلّا بتحقيق العدالة وأبواب المحاكم ستكون مفتوحة أمام الكبار والصغار، ولن يكون هناك غطاء على المتورطين... نعمل لإظهار الحقيقة للشعب اللبناني خصوصاً أنّ الرأي العام يتغيّر ويتجه نحو الأبرياء». وأضاف أنّه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تزويدنا بصور للانفجار عبر الأقمار الصناعية، وفي حال عدم وجودها في فرنسا سنطلب من دول أخرى». حديث عون أتى خلال دردشة مع الصحافيين المُعتمدين في قصر بعبدا، مُعتبراً أنّ «القضاء يجب أن يكون سريعاً لأنّ العدالة المتأخرة ليست عدالة»، موضحاً أنّ «التحقيق في حادثة 4 آب يرتكز إلى 3 مستويات: كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12، ما إذا كان الانفجار نتج بسبب الإهمال أو حادث قضاء وقدر، واحتمال أن يكون هناك تدخّل خارجي أدّى إلى وقوع هذا الحادث عبر صاروخ أو قنبلة أو أي عمل آخر. نحن أمام تغييرات وإعادة نظر بنظامنا السياسي». هل يتوافق ذلك مع الحديث عن طلب لجنة تحقيق دولية، وكلام ماكرون عن أنّه حان أوان وضع ميثاق سياسي جديد؟ أكّد عون أنّه «لن أسمح في عهدي أن يتمّ تدويل الأزمة اللبنانية أو يُمسّ بالسيادة وإذا ما عرفنا حَكَمنا حالنا ما حدا بيحكمنا». واعتبر أنّ تفجير 4 آب «فكّ الحصار وستبدأ عملية إعادة الإعمار بأسرع وقت، وأنا اقترحتُ تقسيم المناطق المُتضرّرة وإشراف كلّ دولة على منطقة».