«نحنا هون» في مقر رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، وتحديداً قاعة الاجتماعات الكبرى. وها هو النائب جورج عدوان الذي انتشرت شائعات كثيرة عن خلافات بينه وبين القوات، يُعلن أن «الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية قررت بالإجماع ترشيح رئيس الحزب سمير جعجع لانتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية». الترشيح أتى انطلاقاً من «الثوابت السياسية للقوات وقوى الرابع عشر آذار»، إضافة الى «احترام الحزب للقواعد الديموقراطية في المواجهة السياسية، ولأن إحداث تغيير جذري في الواقع الراهن بات ضرورة ملحة للخروج من هذا النفق». عكس ما قد يتخيل البعض، «مخففة» كانت يوم أمس الإجراءات الأمنية في معراب. حاجز لقوى الامن الداخلي مؤلف من ثلاثة عناصر وسيارة رباعية الدفع، قبل كيلومتر واحد تقريباً من مقر جعجع. يسأل العناصر عن هويات المارة، يفتشون الصندوق، قبل أن يسمحوا للسيارات بمتابعة طريقها. أمتار قليلة تفصل عن الحاجز الثاني لـ«الأمن الداخلي». إضافة الى التفتيش، تُطلب البطاقة التعريفية. الحاجز الثالث قواتي «قح».

شباب يرتدون البذلات «الزيتية» يطلبون من الزائر عدم اصطحاب أي غرض الى القاعة، وانتظار «الباص» الذي سيوصله الى مكان الاجتماع، نظراً إلى وجود مسافة بين آخر الحواجز والمبنى.
نواب الحزب وقياديوه يتنقلون بين الصحافيين، يتصورون، يضحكون، يدخنون، مجمعين على أن «ترشح جعجع في هذا الوضع ضرورة». لحظات قبل أن تظهر مسؤولة «الحكيم» الإعلامية أنطوانيت جعجع، داعية الجميع الى الدخول، من دون أن تنسى الترحيب «بحرارة» بمن تطأ قدماه معراب للمرة الاولى. الشاب المكلف بتفتيش الداخلين لطيف جداً. بابتسامة يعتذر عن هذه التدابير، «ولكن هذه الأوامر». أعلام القوات كثيرة في الداخل، والورود الحمر أيضاً. أعضاء الهيئة التنفيذية وتكتل القوات النيابي والهيئات المركزية في الحزب موجودون هنا. أين مسؤول جهاز الاعلام والتواصل ملحم رياشي؟ «كما العادة، تأخر قليلاً»، يجيب أحد القواتيين. في وقت كان فيه النائبان عدوان وإيلي كيروز يتناقشان جانباً، دخلت «السيدة الاولى» في معراب ستريدا جعجع. وصول هادئ رغم طلتها الأنيقة، لا تصفيق ولا ترحيب خاصاً. جلست مكانها ولم تتركه إلا لتصافح بين الحين والآخر أحد «الرفاق». خلف سمير جعجع أقفلت أبواب القاعة، ليبدأ اللقاء بالنشيدين الوطني والقواتي. القواتيون الذين استمعوا الى «كلنا للوطن»، صدحت حناجرهم وهم يرددون «نحنا القوات اللي فينا، مقاومة وإيمان. نحنا هون بلبنان».
ستريدا: المرحلة
بحاجة الى رجل
قوي، ولذلك لم أكن
أنا المرشحة

قبل تعداد الحضور، ألقى جعجع كلمة أوضح فيها أن الاجتماع الذي تعقده القوات «استثنائي في المضمون بسبب خطورة الأوضاع». قائد القوات الذي وصف حالة لبنان بـ«التدهور المستمر»، رأى «أننا أمام خيارين، إما الإكمال على هذا النحو وتكون النتيجة لا استقرار، وإما استجماع القوى لإحداث نقلة نوعية لمحاولة الخروج ممّا نحن فيه»، خاتماً على طريقة الرئيس نجيب ميقاتي «والله ولي التوفيق».
الأمين العام للحزب فادي سعد يطلب من الإعلاميين، «إذا بيسمحوا»، مغادرة القاعة حتى تبدأ الخلوة. خلف الأبواب كان هناك «الكلام المسؤول والكلام العاطفي»، استناداً الى أحد الحزبيين. سيطر على الأجواء «التماهي بين الحكيم والقواتيين، فنحن كلنا سمير جعجع، وأهميته تكمن في أنه منّا». عملاً بأحكام النظام الداخلي، كان من الضروري أن تجتمع الهيئات القواتية وتوافق على ترشيح «الحكيم». بعد الإعلان الرسمي من قبل عدوان، اختلى جعجع بنوابه ربع ساعة، تشكلت خلالها دائرة من الإعلاميين. «الرفيقة» أنطوانيت التي انسحبت باكراً من الاجتماع «لأنو جوّا يا الحكيم يا أنا»، لم تبخل على الصحافيين بالمعلومات التي يبتغون الحصول عليها، واعدة إياهم بأن «الحكيم سيلقي عليكم التحية». فتحت الأبواب، ولكن من أطلّ لم يكن سمير بل ستريدا التي قالت لـ«الأخبار» إن المرحلة حالياً «بحاجة الى رجل قوي، ولذلك لم أكن أنا المرشحة». جعجع أعربت أمام الصحافيين عن أن حظوظ «الحكيم في الربح جيدة وجدية»، كاشفة أن «البرنامج الانتخابي سيعلن في 15 نيسان». بعد قليل، خرج سمير جعجع مخصّصاً قرابة ساعة للصحافيين الذين تنافسوا على طرح الاسئلة، متسابقين على انتزاع كلمة خاصة منه، فكانت «حرب باردة» بين الوسائل الاعلامية، خاصة قناتي المرّ والمؤسسة اللبنانية للإرسال.
جعجع قطع الطريق على «المصطادين في الماء العكر: لا تخافوا عليّ وعلى قوى الرابع عشر من آذار، نحن نتدبر أمورنا على أفضل ما يرام». مرتاح سمير جعجع في حديثه، كلماته مليئة بالثقة وكأن تبنّيه من قبل فريقه السياسي ووصوله الى «قصر الشعب» مضمونان. هو ينفي هذا الأمر، «فأنا حتى هذه اللحظة مرشح القوات اللبنانية، والآن سنسعى الى أن أكون مرشح 14 آذار». لا يهم إن اختارت هذه القوى مرشحاً آخر، «فأنا مستعدٌ لأن أنسحب له». بدأت القوات تدرس خطوة الترشح منذ قرابة ستة أشهر، وهي وضعت جميع حلفائها في هذا الإطار. يرفض جعجع أي مرشح توافقي، «فهو سيمدد للأزمة، نحن بحاجة إلى نقلة نوعية». عن حزب الله أكد جعجع «أنني لا أكنّ الكره لشباب الحزب، ولكن في الموضوع السوري نحن لسنا مع منطق حزب الله التخريبي». الحوار مع سوريا «مستبعد حالياً، خاصة بعد سقوط قرابة 160 ألف قتيل». سمير جعجع سيدخل القصر الجمهوري «بالخطاب نفسه». ولكن قبل ذلك، هو يدعو «العماد ميشال عون الى تقديم ترشحه، ولتجر الانتخابات ديمقراطياً». الحق بالترشح ليس محصوراً بأحد، «بيد أنني أتمنى أن يكون لكل شخص برنامج واضح». جعجع الذي اعتمد أسلوباً «سلساً» مع الصحافيين، كاسراً «رسمية» اللقاء من خلال ممازحتهم، سألته «الأخبار» قبل أن يعلن انتهاء الدردشة: «هل نقول فليحكم سمير جعجع؟». يبتسم، مسارعاً الى التأكيد: «لا، لا، لا».


يمكنكم متابعة ليا القزي عبر تويتر | @azzilea