بعرض حيّ مسلح، اختُتمت مساء أمس فعّاليات مهرجان «أيام صور الثقافية»، ليس على المسرح الوطني اللبناني، إنما في محيطه وبين أزقة حارة صور القديمة. طوال ساعات عدة، امتدت إلى ما بعد منتصف الليل، حضر أهالي صور ومحيطها، اشتباكات بين مجموعتين مسلّحتين تخللها إطلاق نار بالرشاشات، تنقّلت من حي إلى آخر ووصلت إلى منطقة الحوش في ضواحي صور الجنوبية. اشتباك أمس، لم يكن الأول، فالخلافات بين شبان من آل الشعار من جهة وآل صبراوي من جهة أخرى، وجميعهم من أبناء حارة صور، تعود إلى حوالى عشر سنوات لأسباب شخصية. طوال تلك الفترة، استثمر نواب وقُضاة وأجهزة أمنية ومسؤولون حزبيون، الطاقات الميليشيوية لأولئك الشبان، من أعمال بلطجة واستخدام للقوة والسلاح، فغذّوا نزعتهم تلك بالسلاح والمال والغطاء، لمنع ملاحقتهم ومحاسبتهم. على نحو تدريجي، توفّر للمجموعتين أجواء مناسبة لإنشاء عصابتين مسلحتين، جذبت هواة النوع من أبناء المدينة والعاطلين من العمل، وأصحاب السوابق ومتعاطي المخدرات.
في البقعة الجغرافية الصغيرة، كُتب للعصابتين بأن تتعايشا، ما فرض نزاعات متكررة. فهناك اشتباك مسلّح وقع على خلفية «نظرة عين»، ألقاها أحد «قبضايات» المجموعة الأولى على أحد «قبضايات» المجموعة الثانية. النظرة لم تتحول إلى ابتسامة، بل إلى تبادل لإطلاق النار وترويع للأهالي وأضرار في ممتلكاتهم المتواضعة، إضافة إلى سقوط جرحى من الطرفين. فائض القوة أيضاً، سمح للمجموعتين بمهاجمة فصيلة صور في قوى الأمن الداخلي، وإطلاق النار في محيطها أكثر من مرة، احتجاجاً على استدعاء أحدهم للتحقيق أو توقيفه.

اشتباك أمس كان الأشد والأوسع رقعة. امتد إلى الحوش، حيث يسكن رئيس مجموعة صبراوي. سيارات عدة خرجت من الحارة، تتبع لمجموعة الشعار، ظهر من نوافذها شبان مسلّحون قطعوا كيلومترات عدة ومرّوا من أمام مراكز للقوى الأمنية والجيش اللبناني، باتجاه منزل و. صبراوي، حيث أُطلق النار في محيطه، قبل أن يعودوا إلى معقلهم آمنين. كالعادة في الاشتباكات السابقة، لم يعترض ذلك العرض المسلّح أي تدخل من القوى الأمنية أو الجيش في المدينة، التي تُعدّ سياحية تستقطب عدداً كبيراً من الزوار والسياح الأجانب، فضلاً عن أن كثيرين من موظفي اليونيفيل والمنظمات الدولية يستقرّون فيها.

من غير المفهوم سبب صمت القوى الحزبية النافذة عما يحصل في المدينة. من يتحمل الأضرار الهائلة التي لحقت بجدران المنازل والنوافذ وخزّانات المياه وأسلاك شبكات الكهرباء والمولدات في ظل ارتفاع تكاليف صيانتها؟ واللافت أن المتضررين، لا ينتظرون حسماً من الدولة والأجهزة الأمنية والقضائية، المتهمة بالتواطؤ والتغطية، إنما من تلك الجهات الحزبية التي «تمون على الشباب، لينضبوا قبل أن يتطوّر أحد الاشتباكات فيؤدي إلى سقوط قتلى».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا