باستشهاده، أمس، أثناء عبوره إلى فلسطين، رسم محمد طحان اليوم الوجهة. وجهةٌ سيسير نحوها اليوم كثر من مناطق لبنانية مختلفة ليلتقوا في العديسة، مقابل مستعمرة المطلّة حيث ارتقى ابن الـ 21 ربيعاً، بطلقات نيران جيش العدو الإسرائيلي، بعد اجتيازه السياج الشائك وعدد من الشبان القادمين من عدلون على دراجات نارية قدّر عددها بالـ25.
منذ ظهر أمس وحتى ساعات المساء، شهدت الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلّة، تحركاتٍ شعبية مناصرة لمعركة الشعب الفلسطيني مع جيش الاحتلال وداعمة لخيار المقاومة. الدعوة الأولى جاءت من «الحزب الشيوعي اللبناني»، للتجمّع أمام مركز قوات «اليونيفيل»، بين بلدتي حولا ومركبا، وبعدها سار المشاركون نحو بوابة فاطمة في العديسة. في النقطة عينها لبّى عدد من المشايخ والأهالي دعوة من حزب الله والأحزاب الوطنية والفلسطينية. بالتزامن، انطلقت عشرات السيارات حاملة الأعلام اللبنانية والفلسطينية، من مثلث بلدات كفرا وياطر وحاريص، سالكةً البلدات الحدودية وصولاً حتى ساحة حديقة بلدة مارون الراس، النقطة الأقرب إلى فلسطين، وذلك تضامناً مع فلسطين المحتلة وتحية «لشعبها المقاوم في مواجهة العدو الإسرائيلي وجرائمه».



عند الرابعة، انطلقت من بلدة عدلون في ساحل الزهراني مسيرة دراجات نارية باتجاه كفركلا. هي المسيرة التي كان في صفوفها الشهيد محمد طحان. ضمّت عشرات الشبان، الذين اجتاز بعضهم السياج الشائك الأوّل مقابل مستعمرة المطلّة دون اجتياز السياج الثاني المكهرب، ممّا أدّى إلى استنفار الجيش الإسرائيلي، محاوِلاً منعهم من التقدّم؛ فأطلق قذيفتين باتجاههم أصيب على إثرهما حسين ص. ومحمد طحان الذي استشهد متأثراً بجراحه. وعلى الفور، حضرت قوّة كبيرة من الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وأقامت الحواجز لمنع أيّ من المواطنين من التقدّم نحو الشريط الشائك.



مساءً، وصل إلى الحدود عشرات الفلسطينيين من مخيم عين الحلوة، وبمشاركة شبان لبنانيين، وصلوا إلى السياج الشائك من دون اجتيازه، فأطلق الجيش الإسرائيلي النار باتجاههم، والقنابل المسيّلة للدموع. علقت المجموعة لساعات في قناة ماء قبل أن يخرجهم الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل»، وبحسب المعلومات تم اقتيادهم إلى ثكنة مرجعيون.



أمام هذا التصعيد، طلب الجيش الإسرائيلي من سكان المستوطنات قرب الحدود اللبنانية التزام منازلهم، مع استمراره برمي القنابل الضوئية رغم انتهاء الحدث ومغادرة جميع المشاركين في الأنشطة التضامنية التي نفّذت طوال اليوم وعودة الهدوء إلى المنطقة.



تشييع الشهيد طحان عند الرابعة... وتحرّك جديد

يتجدّد الموعد الشعبي على الحدود اليوم، فبالتزامن مع تشييع الشهيد طحان في عدلون الساعة الرابعة، دعت جهات عدّة للتوجه إلى بلدة عديسة، لمشاركة الشعب الفلسطيني في انتفاضته ودعماً للخيار المقاوم. من الجهات الداعية: «الشيوعي»، مجموعة «وعي»، «حركة الشعب»، «الحزب القومي السوري»، «الحركة الشبابية للتغيير» و«الحرس القومي العربي». حدّد المنظمون نقاطاً للتجمّع والانطلاق بنقليات مؤمّنة، من الكولا عند الساعة 2 ظهراً، من خلدة عند الساعة 2:30 ومن أمام سراي النبطية في تمام الساعة 3:30.

وبعنوان «جنوب لبنان ينتصر لفلسطين... عهد ومقاومة»، دعا حزب الله، بدوره، إلى التجمّع في حارة صيدا، باحة «مجمع سيد الشهداء»، بدون اتخاذ قرار التوجّه إلى الحدود.
موقف عكس التيار، صدر عن حركة «فتح» التي حذّرت، في بيان، من المشاركة في تحرّكات الحدود «تحت طائلة المحاسبة».

حزب الله و«حماس» و«الجهاد» ينعون الشهيد طحّان

وبالعودة إلى مراسم التشييع، فسينظمها حزب الله، على أن يتخللها كلمة لأحد مسؤوليه. وكان كل من الحزب وحركتي «حماس» و«الجهاد» نعوا الشهيد. حيث اعتبرته «حماس» من «شهداء المقاومة والشرف والواجب الوطني» الذي أكد «وحدة الدم اللبناني الفلسطيني».

وفي المواقف، استنكر رئيس الجمهورية ميشال عون بشدة «الجريمة» التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بإطلاقها النار على المتظاهرين حدودياً، مطالباً وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، إبلاغ الامم المتحدة بالاعتداء الإسرائيلي وما أسفر عنه، تمهيداً لاتخاذ الخطوات اللازمة نتيجة ذلك.

كذلك، شدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على أنّ «العدو الإسرائيلي لا يتوقّف عن تأكيد وحشيّته»، لافتاً إلى أنّ «إطلاق النار باتجاه المتضامنين يعدّ عدواناً ويشكّل خرقاً فاضحاً للقرار 1701». ودعا المجتمع الدولي لإدانة جرائم إسرائيل في جنوب لبنان وفي غزة «الّتي تقاوم العدوان بقوّة وعزيمة لدحر الاحتلال».

أمّا الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي، فذكر أن رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، على اتصال مباشر مع الأطراف. وأضاف: «جنودنا متواجدون على الأرض لمنع الانتهاكات، وجنباًإلى جنب مع القوات المسلحة اللبنانية عزّزنا الأمن في المنطقة، وفتحت اليونيفيل على الفور تحقيقاً لتحديد الحقائق والظروف».