رداً على المقال المنشور في «الأخبار» بتاريخ 23 حزيران 2021، تحت عنوان «سعر البنزين إلى أكثر من 192 ألف ليرة والغاز المنزلي إلى أكثر من 125 ألفاً: الدولة تستبدل الدعم بـ 93 دولاراً للأسرة»، جاءنا من النائب ابراهيم كنعان الرد الآتي:1- فات كاتب المقال أن الثغَر الموجودة في الخطة، كما يشير في المقال، جعلتها كالغربال الواسع الفتحات بحيث لم يبقَ فوق الغربال أي شيء له قيمة. والأمثلة كثيرة: من العدالة الضريبية المفقودة، إلى تفخيخ الخطة بصندوقين كما ورد في مقال للصحافي محمد وهبة، في الصحيفة ذاتها، فإلى وضع أصول الدولة بعهدة رياض سلامة، فإلى حل المشكلة على حساب ودائع اللبنانيين لقاء تمليكهم أسهماً في مصارف فاقدة للثقة ومفلسة، والقائمة تطول...
2- كما فات كاتب المقال أن الخطة التي عنها يدافع بدأت بالتخلف عن دفع سندات اليوروبوند المستحقة في شهر آذار 2020 من دون أي تنسيق مع الدائنين، ومن دون أي خطة لهيكلة الديون، ما جعل كل ديون الدولة اللبنانية مستحقة الأداء، ما أوصلنا الى الانهيار التام وضياع أموال المودعين. وسماسرة التخلف عن الدفع هم أنفسهم سماسرة الخطة ومعروفون بالاسم.
3- كذلك فات كاتب المقال أن لجنة المال والموازنة قدمت للحكومة أربعة خيارات، إلا أن سماسرة الخطة حالوا دون النظر فيها، مدّعين بطولات وهمية، على اعتبار أن أفضل طريقة للدفاع هي الهجوم وإلقاء اللوم على سواهم، ثم الانسحاب بعدما انكشف أمرهم، والصفقات التي عقدوها... ووجدوا في الإعلام المضلِّل من يساندهم ويحمل لواءهم.
4- غريب أمر كاتب المقال الذي يقول في مقال سابق إن قانون الكابيتال كونترول هو قانون فوري، وكان يجب أن يصدر فور حصول حراك السابع عشر من تشرين الأول 2019، فإذا به يربط صدور القانون بالخطة، علماً بأن حكومة الرئيس دياب عجزت عن وضع مشروع قانون للكابيتال كونترول لتضارب الآراء والمصالح فيها...
5- أما ادعاء كاتب المقال بأن النائب علي فياض وقف بوجه اللجنة، فمنافٍ للحقيقة جملة وتفصيلاً بدليل تصويت النائب فياض بالموافقة على قرار اللجنة كما هو مثبت بالتسجيل وفي المحضر الرسمي لاجتماع اللجنة.
وعليه، فإنّ ما ورد في المقال هو إمّا عن سوء اطلاع أو عن سوء نيّة، ونخشى أن يكون عن الاثنين معاً، وخصوصاً أنّه يأتي في سياق حملة مركّزة تتعامى عن حقائق كثيرة ورد بعضها في هذه السطور، وهناك غيرها الكثير.

من المحرر:
أولاً، من نكد الدهر أن يُنكَب لبنان برئيس للجنة المال والموازنة النيابية، لا يخجل من الوقوف في صف أصحاب المصارف والمحتكرين، والدفاع عن مصالحهم رغم الانهيار التام الذي أوقعوا فيه البلاد، مع شركائهم من قوى سياسية ودينية وإعلامية. يصرّ كنعان في رده على تبنّي وجهة أصحاب المصارف كاملة، من خلال اعتبار أن البلاد وصلت إلى مرحلة «الانهيار التام» بعد توقف الحكومة عن دفع الديون التي كانت مستحقة في آذار 2020. وهو في ذلك يكرر سردية المعادين لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذين يحمّلون الأخير مسؤولية الانهيار. إذ لا بد من التذكير بأن قرار التوقف عن الدفع لم يتخذه رئيس الحكومة منفرداً، بل بالتكافل والتضامن مع رئيس الجمهورية.
ثانياً، النائب الممسك بلجنة المال والموازنة النيابية منذ أكثر من 10 سنوات، يتعمّد الغش من خلال القول إن الانهيار التام بدأ في آذار 2020، فيما يُدرك القاصي والداني أن الأزمة بدأت منذ سنوات، وأنها ظهرت إلى العلن عام 2016، مع بدء مصرف لبنان تنفيذ ما سُمّي بـ«الهندسات المالية»، التي كانت تعبيراً عن عجز النموذج الاقتصادي المعتمد في لبنان عن الاستمرار على قيد الحياة. ومما لا شك فيه أن كنعان يُدرك ذلك، لكنه يريد تسويق ما يزعمه رياض سلامة وأصحاب المصارف والقوى السياسية الموالية لهم والعاملة في خدمتهم، ومعها وسائل إعلام التضليل التي يحبّها كنعان ويرتاح لها، لجهة أن حكومة حسان دياب وعهد عون، هما سبب الأزمة والانهيار، وأن المشكلة تكمن في بعض القرارات التي لولاها لكان لبنان يعيش في بحبوحة عظيمة.
ثالثاً، عدا عن الغش والتضليل، فإن كنعان يتعمّد إنكار واقع أن انهيار سعر الصرف بدأ قبل 17 تشرين 2019، لا قبل آذار 2020 وحسب، وأن حاكم مصرف لبنان قرر بدء تمويل استيراد مواد محددة (الوقود والأدوية والقمح) في أيلول 2019، في إعلان صريح عن توقّف عجلة النموذج عن العمل. وفي إنكار كنعان لهذه الوقائع كذب صريح، خدمة لأجندة أصحاب المصارف وشركاهم من محتكرين وسياسيين ورجال دين ومضاربين.
رابعاً، يريد كنعان أن يقول للبنانيين إن عمله كرئيس للجنة تطيير خطة الحكومة، أنقذ البلاد من شرّ كبير كانت تلك الخطة ستحمله على لبنان وسكانه. فيما كان دوره الحقيقي التغطية على قرار المنظومة التي ينتمي إليها، بألا تقوم بأي عمل لمواجهة الانهيار. فهذه المنظومة التي تلقّى كنعان تهانيها على ما أنجزه، تعمّدت ــــ بعد تعطّل النموذج الذي تستفيد منه ــــ إدخال البلاد في حالة الانهيار الشامل، لكي تحمّل عموم السكان خسائر القطاع المالي. ولا تزال حتى اليوم، بفضل كنعان وأشباهه، تمنع إقرار أي خطة إنقاذية، لانها تُدرك أن أي محاولة لإعادة إطلاق الاقتصاد بصورة طبيعية، تتطلّب جردة للخسائر وتوزيعاً لها، ما يعني تحمّل أصحاب المصارف والمحتكرين وكبار المودعين جزءاً من تلك الخسائر، بدءاً بشطب رساميل المصارف لاستخدامها في إطفاء بعض الخسائر التي تسببت بها. باختصار، كنعان كان أحد الذين استُخدِموا، بملء إرادتهم، لمنع إقرار خطة إنقاذية، بصرف النظر عن طبيعة تلك الخطة.
خامساً، يتعمّد كنعان، منذ أن ترأس اللجنة التي طيّرت خطة الإنقاذ قبل أكثر من عام، الإكثار من الكذب. وآخر كذبه ادعاء أن النائب علي فياض وافق على قرار اللجنة (من دون أن يقول كنعان ما هو هذا القرار)، فيما الواقع الذي يؤكده معظم مَن شاركوا في اجتماعات اللجنة أن فياض وافق على «دراسة الأرقام الواردة في الخطة، والعمل على التوصل إلى أرقام موحدة»، بعدما قدّم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف أرقاماً مختلفة عن أرقام الحكومة لخسائر القطاع المصرفي. ولا بد من تذكير كنعان بالاجتماعات التي كان يعتقد أنها سرية، والتي كان يعقدها في مكتب النائب نقولا نحاس، وكانت تضمّهما إلى النائب ياسين جابر، حيث دبّجوا التقرير النهائي للجنة، الذي لا يزال سرياً، ولم يُعرض على اللجنة الفرعية للتصويت، كما لم يُعرض على لجنة المال والموازنة، بل اكتفى كنعان بالحديث عنه في مؤتمر صحافي قبل أن يقدّمه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يُعرف مصيره حتى اليوم.
ولا بد من تذكير كنعان بأن ما قام به في اللجنة هو تضييع الوقت (والجمهور) في دراسة أرقام الخطة الحكومية، بهدف تطييرها، من دون أي دراسة للسياسات التي تتضمّنها تلك الخطة.
سادساً، وأخيراً... يوم الأحد الماضي، طالب رئيس تكتل «لبنان القوي»، النائب جبران باسيل، الحكومة بتطبيق خطتها للتعافي المالي، «مع إنو عنّا انتقادات كتير عليها». هذه الخطة هي نفسها التي أسقطها كنعان، ولا يزال في ردّه هذا يصرّ على شيطنتها.