ألقت عملية اغتيال القيادي في تنظيم «جند الله» عامر مرعب ومرافقه محمد عمران، يوم أمس، في طرابلس، بثقلها على الوضع الأمني في المدينة، وتركت خلفها مخاوف وتساؤلات حول أسبابها وتداعياتها المُتوقّعة، وحول حصولها قبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية المُلزمة المرجّح أن تنتهي بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، ابن طرابلس، بتأليف الحكومة المقبلة.
عملية الاغتيال التي وصفها التنظيم بأنّها «مُدبّرة»، حصلت ليل أمس، عندما أقدم مجهولون كانوا على متن دراجتين ناريتين على إطلاق النار من رشاشات حربية باتجاه كلّ من مرعب وعمران، خلال وجودهما في مقهى شعبي قرب مسجد حمزة، في محلة القبة، التي يرأس مرعب فيها مسؤولية لجان الأحياء والمساجد ضمن التنظيم، وهو ما أدى إلى مقتلهما على الفور، تحديداً وأن مرعب أُصيب بقرابة 20 طلقة في جسده.

أسباب ودوافع عملية الاغتيال لم تتضح بعد، لكن منصّات وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت بشائعات عن أنّها عملية ثأر قديم بين مرعب وآل حسّون في المدينة، على خلفية إشكال سابق وقع بينهما قبل قرابة 6 سنوات، سقط خلاله قتيلٌ من آل حسّون.

وربطاً بذلك، أقدم مجهولون بعد عملية الاغتيال على إطلاق النار باتجاه ممتلكات لأشخاص من آل حسّون في محلة الجسرين ومنطقة الضم والفرز، قبل أن يتدخل الجيش ويُعزّز انتشاره في المنطقة. ولم يُسفر إطلاق النار عن خسائر في الأرواح، واقتصرت الأضرار على الماديات.

بدورهم، سارع آل حسّون إلى إصدار بيان استنكروا فيه الاغتيال، وطالبوا فيه الأجهزة الأمنية بـ«وضع يدها على القضية، وإظهار حقيقة الفتنة، بخاصّة أنّ هناك من يعمل على إشعال السّاحة الطرابلسية من خلال هذه الأحداث المُتنقّلة والمشبوهة التي يبرأ منها آل حسّون بالكامل وبالإجماع».

كذلك، دفعت عملية الاغتيال بالهيئات والفاعليات الإسلامية إلى الاجتماع في منزل مسؤول «جند الله» كنعان ناجي، في وقت متأخر من ليل أمس، وقد أصدروا بعد الاجتماع بياناً استنكروا فيه ما وصفوه بـ«الجريمة النكراء»، متسائلين «عن المستفيد».

ودعا المجتمعون، في بيانهم، وزيري الداخلية والدفاع والجهات الأمنية والقضائية المختصة إلى «القيام بواجباتهم الفورية في التحقيق وملاحقة الفاعلين والمُحرّضين والمُتدخّلين والمُشتركين في الجريمة، ومحاكمتهم أمام القضاء المختص وإطلاع الرأي العام على نتائج التحقيق بصورة عاجلة».

وكانت مراسم تشييع مرعب وعمران قد جرت اليوم في مسجد طينال، في محلة باب الرمل، حيث أدى المُشيّعون صلاة الجنازة عليهما، قبل دفنهما، وسط إطلاق نار كثيف في الهواء.

تجدرُ الإشارة إلى أنّ مسؤول تنظيم «جند الله» كنعان ناجي، الذي كان له حضور بارز في طرابلس أيام سيطرة «حركة التوحيد الإسلامي» عليها، في النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضي، قد أُوقف لمدة 4 أشهر عام 2019، في أربع ملفات عالقة أمام المحكمة العسكرية تتعلّق بتهم انتمائه إلى «جند الله» والقيام بأعمال «إرهابية» والمشاركة في أحداث طرابلس، قبل أن يُوافقَ مفوّض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية، القاضي هاني الحجار، على إطلاق سراحه في 6 آذار 2020، بعد أن دفع وكيلُه المحامي حسين موسى الكفالات المالية.