لنعد إلى البداية:حدثت في لبنان جريمة اغتيال سياسية. قرّرت جهات عربية ودولية، بالتواطؤ مع جهات عميلة لها في لبنان، إصدار قرارات دولية أقيمت بموجبها محكمة دولية خاصة بلبنان. ولأنه جرى تهريبها في ليل مظلم، بصورة مخالفة للدستور اللبناني، وحتى للقوانين الدولية، فقد استصدر المجرمون أنفسهم قراراً من مجلس الأمن، وتحت الفصل السابع، لإقامة سلطة انتدابية تفرض سلطتها على المؤسسات والسلطات اللبنانية كافة.

ومن يومها، بدأت أبشع عملية إهانة لشعب بكامله، وجرى التعرض لكرامات المواطنين اللبنانيين وحرياتهم وحقوقهم. كذلك جرى ويجري التعرض للحرية التي دفع اللبنانيون، ولا يزالون، الدماء في سبيل حفظها.
هذا سبب كاف، وكاف جداً، لكي نرفض هذه المحكمة، ولكي نتهم قضاتها والعاملين فيها بأنهم غير ذوي صفة، وبأنهم ينتهكون القوانين العامة الراعية لحقوق الإنسان، ويشاركون في مؤسسة تعتدي على مواطني بلد حر وسيد ومستقل، وبأنهم، في جانب آخر أكثر خطورة، يشاركون في اعتداء على مقدسات لبنان، وأبرزها وأهمها على الإطلاق مقاومته البطلة ومقاوموها الابطال.
نعم، ربما حان الوقت لكي نقول كلمة واضحة: ليس صحيحاً أننا على استعداد، لا نحن ولا غالبية اللبنانيين، لأن ندفع حريتنا ومقدراتنا ومقدساتنا ثمناً لمعرفة من اغتال رفيق الحريري، فيما الفريق الذي باع لبنان بحجة سعيه إلى معرفة هوية من قتل رئيس وزراء لبنان، هو نفسه الذي رشح قاتلاً مداناً لرئيس وزراء لبناني آخر الى منصب رئاسة الجمهورية. فهل يعتقد هؤلاء بأننا سنترك لهم البلاد يبثون فيها سمومهم، ويدفعون بها الى خراب تلو الخراب؟ هذا بالتأكيد ما لن يحصلوا عليه، لا منّا، ولا من بقيتنا، إن هم نالوا منا!
يمكن قانونيين كثراً، بينهم من يعمل الآن في المحكمة نفسها، أن يقدموا سردية لا تتوقف عن المخالفات اليومية لشرعة حقوق الانسان. وبالتالي، من الطبيعي بالنسبة إلينا أن نعلن استمرار تشكيكنا في كل ما تقوم به المحكمة وما يصدر عنها، وأنه ما لم يجر تصحيح كل نقاط الخلل، والتعهد بضمان إجراءات كاملة وشاملة تحفظ حقوق الناس، فلن تحظى هذه المحكمة بابتسامة ترحيب منا.

■ ■ ■


لمن يعرفنا، ويحبنا، ولمن يعرفنا ولا يحبنا، ولمن يعرفنا وجرّبنا، ولمن يعرفنا ولم يجرّبنا كفاية، ولكل الذين يريدون اختبارنا اليوم وغداً نقول:
ليس على وجه الأرض من أحد، أي أحد، بمقدوره، إلزامنا مخالفة عهدنا لذواتنا الحرة، بأن لا تمس كرامتنا او ينال من حقنا في حياة حرة وكريمة. ونحن نعي تماماً أن واحداً من أسباب استهدافنا هو وقوفنا في قلب معركة المقاومة التي تمثل قدس أقداسنا.
«الأخبار»... لا تمثل.