في عزّ أزمة انقطاع المحروقات، اجتمع مجلس النواب أمس ليؤكّد على قرار رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية، من دون البتّ بالبطاقة التمويلية أو الاتفاق على حلول بديلة تُخفّف من آثار الأزمة اجتماعياً. الجلسة ترأسّها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، خُصّصت لتلاوة رسالة الرئيس ميشال عون بـ«الطلب من المجلس مناقشة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بعد إعلان حاكم مصرف لبنان رفع الدعم عن المواد الحياتية والحيوية واتخاذ القرار أو الموقف أو الإجراء المناسب». إلا أنّها شكّلت مجالاً لتظهير الكباش السياسي بين فريق العهد وبقية القوى السياسية، إلا أنّها أظهرت مرّة جديدة وقوف القوات اللبنانية في مقدّمة طابور المُدافعين عن مصالح كارتيلات المازوت والبنزين والدواء والمُحتكرين لهذه المواد الحيوية.«ما قرّره مجلس النواب اليوم (أمس) هو انتصارٌ لما طرحناه»، قال نائب القوات اللبنانية جورج عدوان. وضلّل الناس حين قال إنّه «انتصارٌ لهم بودائعهم... في 17 تشرين الأول 2019 كان هناك في مصرف لبنان 33 مليار دولار، أما اليوم فهناك 15 ملياراً. أين ذهبت الـ18 ملياراً؟ أكثريتها ذهبت إمّا من خلال التهريب إلى سوريا وإما إلى جيوب التجّار أو الكارتيلات». بحسب أرقام الحكومة اللبنانية، التي تلقتها من مصرف لبنان، فإنّ كلفة الدعم خلال عام 2020 بلغت 6 مليارات و400 مليون دولار (تندرج ضمنها السلفة الممنوحة لكهرباء لبنان). أما الهدر وتبديد الدولارات من مصرف لبنان فقد ذهب لصالح زمرة «حزب المصرف» وحسابات مصارف تجارية. يُدرك عدوان - والقوات اللبنانية - هذه الحقيقة، كما يعرفون أنّ أبرز المُهربين إلى سوريا وغيرها من البلدان، هم من تيار المستقبل وما كان يُعرف بـ«14 آذار»، ولكنّ حزب القوات اختار أن يكون منبراً لتسويق بروباغندا الولايات المتحدة وحلفائها وخلق عوامل توتير.
من جهته، رفع الوزير جبران باسيل سقف المواجهة السياسية مُهدّداً بالاستقالة من مجلس النواب: «عندما يتوجّه الرئيس إلى المجلس فهو يلجأ إلى أم السلطات، أما أن يجتمع شكلاً من دون اتخاذ قرار أو إجراء، فيكون يتخلّى عن دوره». فردّ عليه رئيس مجلس النواب نبيه برّي: «لا أحد يُهدّد مجلس النواب». وذكّر باسيل بصدور قانون البطاقة التمويلية وذُكرت بموجبه الأسباب الموجبة لرفع الدعم تدريجياً، وفجأة بطلب من إحدى القوى السياسية في 12 الحالي، صدر قرار يؤدي إلى الفوضى، مشبوه، ومُكمّل للحصار الاقتصادي الذي يتعرّض له لبنان وضرب الموسم السياحي».
وطرح باسيل حلّاً من 5 نقاط «يؤجّل الانفجار ولا يحلّ المشكلة»:
- إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة واستجرار الكهرباء من مصر وحلّ المشكلة مع سوريا،
- تقديم مساعدة اجتماعية فورية لموظفي الدولة،
- إصدار تسعيرة جديدة لا تتعدّى الـ6500 ليرة للدولار المخصص لاستيراد البنزين و8000 ليرة للمازوت،
- إعطاء مجلس النواب الحكومة مهلة من شهر إلى 6 أسابيع لبتّ البطاقة التمويلية،
- أخذ الدولة قرضاً من مصرف لبنان بطلب من وزير المال.
وفي ختام الجلسة، أقرّ المجلس توصية تلاها بري، ملخصها: «تأليف حكومة جديدة في أسرع وقت وبدء تطبيق مشروع البطاقة التمويلية وتحرير السوق».