المسار التحريضي الذي يتّخذه الإعلام السعودي ضدّ «حزب الله»، ولا سيّما في الفترة الأخيرة، والمحاولات الحثيثة لإقحامه في جريمة مرفأ بيروت، لم يكن لينسلخ عن الحدث الدموي في «الطيونة»، والمناطق المحيطة أمس. على الرغم من وقوع ضحايا وجرحى، بإصابات مباشرة في الرأس جراء أعمال القنص من على سطوح المباني، بمعنى وجود طرف خطّط لكمين ضد مناصرين لـ«حركة أمل» و«حزب الله»، كانوا متوجّهين في تظاهرة الى «قصر العدل» في المتحف.
تخوفت «الجزيرة» من تكرار سيناريو اغتيال رفيق الحريري عام 2005

إلا أنّ الإعلام السعودي، وتحديداً «العربية» أصرّت على التعمية وتجهيل الفاعل، متّهمةً «حزب الله» بإطلاق النار، وتصعيد الاحتقان في الشارع، مع تبنّيها عبارة «اشتباكات» التي أُسبغت على عمليات القنص التي استهدفت المتظاهرين. الشبكة السعودية، التي طلبت من مراسلتها غنوة يتيم والمصوّر، مغادرة المكان، لم تعبأ لمشاهد الدماء التي ملأت الشوارع، جراء سقوط الضحايا والجرحى، ولم تفتش عن القتلى والجهة التي تقف خلفهم، بل كررت اتهامها لعناصر «حزب الله»، بإطلاق النيران، من «رشاشات كانت بحوزتهم». القناة «استدلّت» على الهوية الحزبية لهؤلاء بلباسهم الأسود! واستكملت الاتهام، مدّعيةً بأنّ هؤلاء قاموا باستعراض «السلاح الثقيل». كذلك، حمّلت «حزب الله»، مسؤولية التدهور الأمني الحاصل في البلاد، جراء «شحن أنصاره»، و«تحريضه» ضد القاضي طارق البيطار. وفي التغطية الحيّة لحادث «الطيونة» الدموي، «حذرت» مراسلة الشبكة ناهد يوسف، من عمليات «انتقامية» من قبل «حزب الله»، رداً على سقوط الجرحى والضحايا، بما أنّ هؤلاء بحسب المراسلة فشلوا في إنجاح احتجاجهم أمام «قصر العدل». وعلى الخطى عينها، سارت «سكاي نيوز» الإماراتية، التي سمّت ما يحصل بـ «تبادل الاتهامات حول حمل السلاح» واتهمت أنصار الحزب بإشهار السلاح، بما أنّ «هويتهم واضحة ويرتدون اللباس الأسود»!
استدلّت «العربية» على هويّة عناصر الحزب من... «لباسهم الأسود»!


وعلى مقلب «الجزيرة»، اعتبرت الأخيرة، على لسان مدير مكتبها مازن إبراهيم، أن ما يحصل في الشارع «اشتباكات بين طرفين»، يحاول أحدهما «السيطرة» على المنطقة، أي الطيونة، التي تفصل بين مساحة تسيطر عليها «القوات» وأخرى تضم «حاضنة» الثنائي الشيعي. وفي تقرير منفصل ذهبت القناة القطرية أبعد من الحدث الدموي، لتطرح أسئلة حول احتمال إعادة سيناريو اغتيال رفيق الحريري عام 2005، وما حدث بعده من عمليات اغتيال شخصيات سياسية لبنانية، وتوريط «حزب الله»، في القضية كما كان متوقعاً حصوله مع قضية تفجير مرفأ بيروت، وسط تحرك مسبق من قبل الحزب، خشية وصول الحالة التحريضية ضده الى وقوع «مخاطر أمنية». هكذا، عمّمت السردية عينها على المنصات الخليجية، مرة جديدة، ووضعت «حزب الله» في الواجهة، مع اتهامه بحمل السلاح وترويع المدنيين، فيما لم تجفّ دماء الضحايا الذين ينتمي جلّهم الى بيئته، مع تجهيل واضح للفاعل، وغياب الجهة التي تقف خلفه، ولا سيما مع إعلان الثنائي الشيعي أن القوات تقف خلف عمليات القنص وتدهور الأوضاع الأمنية على مثلث «الطيونة»، «عين الرمانة»، «الشياح».