بعد أشهر من التكتّم و«اللفلفة»، خرجت الخلافات داخل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى العلن. التنافس على خلافة رئيس المجلس الراحل الشيخ عبد الأمير قبلان بلغ ذروته بين الطامحين. وبعضهم، من أصحاب السلطة، استخدم صلاحيته في الاستقالة والإقالة. قرارات بدت كيدية أو كأنها صندوقة بريد لمن يهمه الأمر.نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب ألغى، أمس، قرار تكليف الوزير السابق حسن اللقيس بمهام رئاسة الجامعة الإسلامية، علماً بأن التكليف الذي وقّعه في تشرين الثاني الماضي، كان بتزكية من الرئيس نبيه بري في إطار معالجة الأخير لتداعيات فضيحة الشهادات المزوّرة التي أعطتها الجامعة التابعة للمجلس، لطلاب عراقيين.
مصدر مطّلع وصف قرار الخطيب بأنه «ضربة انتقامية إلى حركة أمل التي رفضت تزكيته رئيساً للمجلس الشيعي»، علماً بأن بري قرر، إلى أجل غير مسمّى، إرجاء البحث في انتخابات الهيئتين التنفيذية والشرعية للمجلس اللتين انتهت ولايتهما نهاية الشهر الماضي. والسبب هو «انشغال حزب الله وأمل بشؤون أخرى أولى من التوافق على شخصية تخلف قبلان، علماً بأن أمل ترفض التجديد للخطيب، فيما الحزب لا يمانع» وفق المصدر. فيما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كان يحقّ للخطيب إصدار قرار كهذا بعد انتهاء ولايته نائباً للرئيس ومكلفاً بالقيام بمقامه في 31 كانون الأول الماضي.
بعد ساعات على تعميم قرار إقالة اللقيس، عُمّم بيان موقّع باسم المجلس الشيعي، نشر على صفحته على فايسبوك، يردّ فيه على الهجوم الذي طال الخطيب طوال يوم أمس، ولا سيما من جمهور حركة أمل، ووصل إلى حتى تهديده «بتكسير رأسه» لأنه تحدّى بري. وبحسب البيان، فإن ما فعله الخطيب قانوني في إطار «تأمين المصلحة العامة الناشئة عن مهام أوكلت إليه والتي قد ترتبط بنشاط مرفقي. وبما أن الظرف استثنائي، فيضطرّ الى اعتماد وسائل تخرج عن الشرعية العادية بصورة مؤقتة الى حين العودة الى الظرف العادي والطبيعي من ناحية، أو بانتهاء ولاية الشخص الاعتباري القيّم على إدارة شؤون الشخص المعنوي العام، وفي هذه الحالة، يستمر القيّم في ممارسة صلاحياته كافةً الى حين تعيين الأصيل». واستعرض البيان مواد قانونية تجيز للخطيب «كنائب أول لرئيس المجلس يتمتع بصلاحيات رئيس المجلس عند شغور مركز الرئاسة، أن يكون متولّياً إدارة الجامعة الإسلاميّة وتنظيمها، وبالتالي رئيساً لها الى حين تعيين رئيس أصيل».
تساؤلات حول صلاحيّة قرارات الخطيب بعد انتهاء ولايته نائباً للرئيس


وكان لافتاً أن إلغاء الخطيب لتكليف اللقيس جاء بعد يوم واحد من قرار مجلس الوزراء الموافقة على مشروع مرسوم رفعه المجلس الشيعي يرمي الى وضع اللقيس، الأستاذ في ملاك الجامعة اللبنانية، خارج ملاكها التعليمي لمدة خمس سنوات لإلحاقه بملاك المجلس الشيعي!
أحد أعضاء الهيئة التنفيذية في المجلس لفت إلى أن قرار إلغاء التكليف «يشكل خرقاً لمبدأ الحقوق المكتسبة ولتسلسل القواعد القانونية، ومخالفة للأصول الجوهرية ولمبدأ توازي الاشكال في الإجراءات الإدارية». لكن الخشية ليست على خرق القواعد القانونية، بقدر ما يهدد الصراع الحاصل مستقبل الجامعة كصرح علمي يؤمّه آلاف الطلاب.
قرار الخطيب سبقه بيوم واحد أيضاً قرار مفتي صور الشيخ حسن عبد الله الاستقالة من القضاء الجعفري ورئاسة محكمة صور الجعفرية. استقالة عبد الله الذي يشغل أيضاً منصب المسؤول الثقافي المركزي في حركة أمل، وُصفت بأنها «للضغط على أمل لتزكيته إلى رئاسة المجلس، واحتجاجاً على تحييده في ملفّ التشكيلات القضائية في المحاكم الجعفرية وحصر الملف برئيس المحاكم الشيخ محمد كنعان المرشح أيضاً لرئاسة المجلس».