يشهد الشارع السني المعارض لسوريا وحزب الله في البقاع الغربي انكفاءً عن المشهد الشعبي والسياسي. حلت الأزمة الاقتصادية الخانقة في رأس الاهتمامات. وجاء قرار الرئيس سعد الحريري بخروج تيار المستقبل من المشهد السياسي، ليفتح الباب على توجهات يغلب عليها الخيار الفردي.هذا الواقع ينسحب على هيئة العلماء المسلمين في المنطقة. هيئة «من كلّ وادٍ عصا». فلا تواصل بين أعضائها ولا اجتماعات دورية إلا في حالات نادرة، وليس بين الأعضاء «قائد» يُعوّل على خطابه. ينصرف الجميع إلى أعمالهم اليومية، كأي لبناني آخر، يؤدون تكليفهم في المساجد على عجل، يتطرّقون إلى المسائل الدينية البحتة. والملاحظ أن كل الخطب تخلو من أي تعبئة تخص الانتخابات. لكن الحاضر المستمر هو «شيطنة» الدولة السورية وقوى المقاومة.
غياب المشروع السياسي، أثر في ولاءات الجميع. فصار التعامل مع أعضاء الهيئة كل على حدة: هذا محسوب على السعودية، وآخر على تركيا، وثالث يتماهى مع «دار الإفتاء»، ويعلن رابع أنه يمثل اللواء أشرف ريفي الطامح لوراثة الحريري. لكن البارز بينهم هو نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ عمر حيمور.
لا تواصل بين أعضاء الهيئة في البقاع ولا اجتماعات دورية إلا في حالات نادرة


اعتاد علماء الهيئة في البقاع الغربي مهمة الإرشاد الديني للشباب، كجزء من تعبئتهم للمشروع السياسي، ومع غياب الهدف السياسي الجامع، وانصراف الناس إلى تأمين قوتهم اليومي، جعل المشايخ يشكون خلو المساجد من الشباب، واقتصار الحضور على الكهول والعجزة. مع ذلك، تحاول الهيئة الحفاظ على ما تبقّى من دورها بتوزيع بعض المساعدات الغذائية للناس، وتقديم خدمات عبر العلاقات الشخصية، ومشاركة أعضائها في الواجبات الاجتماعية. لكن البارز أن تواصلهم مع تيار المستقبل ظل مقطوعاً حتى قبل إعلان الحريري عزوف التيار عن خوض الانتخابات. كما أنّ التواصل تراجع مع العشائر العربية التي تشهد انقساماً مستمراً في الولاء بين التيار الأزرق والنائب عبد الرحيم مراد، بينما يفرض نفوذ الجماعة الإسلامية داخل الهيئة التواصل الجزئي معها، وعزل ممثّلها عن الكثير من المسائل.
حاولت «الأخبار» استصراح معظم أعضاء الهيئة الذين أحالوا الأمر على الشيخ عبد الرحمن القادري. إلا أن الأخير بدوره رفض التصريح بحجة عدم حصوله على إذن المكتب المركزي.