عكس الإقبال الكثيف في البلدات السنية الكبرى حجم الرشاوى الانتخابية التي فعلت فعلها ودفعت الناخبين إلى التدافع داخل مراكز الاقتراع منذ ساعات الصباح الأولى. لم يستجب السنة لدعوات الرئيس سعد الحريري بالمقاطعة، لكنهم في الوقت نفسه اعتبروا أن لائحة نواب المستقبل تمثل نهج الحريري.اتخذ الناخبون خياراتهم إما بالمضي في نهج النواب الحاليين وفي مقدمتهم النائب وليد البعريني أو محاولة «تزبيط» أوضاعهم عبر التسويق للمرشحين «الأنسب»، أي الذين دفعوا بسخاء. إذ وصل سعر الصوت الانتخابي عشية الاقتراع إلى 400 دولار في البلدات الحدودية وتحديداً في قرى وبلدات وادي خالد. ولكنه في الوقت نفسه أدى إلى تشتت الأصوات وضياعها بسبب التصويت الكثيف لبعض من لم تحصد لوائحهم أي حواصل.
عامل المال وغياب المرجعية أديا إلى فوضى في غالبية البلدات السنية، فمنذ ساعات الصباح الأولى شهدت بلدات: جرد القيطع فنيدق، مشمش، برقايل، ببنين، إضافة إلى بلدات وادي خالد معركة حامية بين المرشحين النائب السابق محمد سليمان والنائب السابق محمد يحيى، كما بدا لافتاً تداول اسم المرشح علي طليس وهو رئيس لائحة «الوفاء لعكار» التي لم تتمكن من نيل حاصل.
المعركة بدت حامية بين المرشحين السنة الذين يتنافسون على ثلاثة مقاعد من أصل 7 في عكار. وحده النائب وليد البعريني بدا خارج السباق إذ احتفل مناصروه منذ ساعات الظهيرة بإطلاق النار الكثيف الذي منع الإعلام من تغطية العملية الانتخابية. فمع مرور موكب البعريني في ساحة البلدة اشتعلت السماء بالنيران التي تطايرت في كل الاتجاهات، وسيراً على الأقدام رافقوا البعريني إلى ابتدائية فنيدق الرسمية حيث أدلى بصوته مخترقاً الحشود الغفيرة ووسط نثر الورود والأرز.
كثافة الاقتراع انسحبت على بلدات ببنين وبرقايل إضافة إلى بلدة عكار العتيقة التي كانت تدعو للمقاطعة اعتراضاً على عدم حل الخلاف بينها وبين الجارة فنيدق، ففي حين سرت المقاطعة على أعضاء اللائحة لم تسر على العملية الانتخابية، إذ شارك الناخبون بكثافة للمرشح السني محمد يحيى، في حين توزعت الأصوات الأخرى على المرشحين علي طليس ومحمد بدرا مرشح التغييريين الذي لم تتمكن لائحته من تأمين حاصل.
كرّست منطقة جرد القيطع البعريني زعيماً لدورة انتخابية جديدة، وأثبتت أن المنطقة التي شكّلت الرافعة لتيار المستقبل في العام 2018، عادت وأعطت البعريني تفويضاً بـ21 ألف صوت تفضيلي حينها، وجددت له البيعة. وبخلاف بقية أقلام الاقتراع في كل عكار سجلت نسبة الاقتراع في بلدة فنيدق نسبة 55 في المئة عند التاسعة ليلاً وكان عدد من الناخبين لا يزال داخل الأقلام.
الفوضى والإشكالات المتنقلة في البلدات السنية، قابلها هدوء وانضباط في البلدات المسيحية، التي خاضت معارك حامية على المقعد الماروني بين النائب هادي حبيش والمرشح جيمي جبور، في حين أظهرت القوات قدرة تنظيمية عالية من شأنها إيصال مرشحها إلى البرلمان.