منذ فوز شركة «توتال» الفرنسية، في دورة التراخيص الأولى عام 2018، بعقد حفر البلوكَين 4 و9 واستكشافهما، لم تضرب «ضربة» واحدة في البلوك 9، واعتماداً على نتائج فحوص مخبرية لعيّنات استخرجتها بعد حفر بئر في البلوك 4، «حسمت» عدم وجود كميات تجارية من الغاز فيه، رغم أن العقد يلزمها حفر بئر ثانية. استناداً إلى ذلك، وإلى ذرائع أخرى تقنية أو بسبب ظروف «كورونا»، امتنعت الشركة عن تنفيذ بنود العقد وعن البدء بأعمال الحفر. غير أن الواضح أن وراء هذه المبررات ضغوطاً سياسية تتعلق بابتزاز لبنان لمنعه من بدء الحفر والتنقيب والاستخراج قبل إنهاء ملف ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي. وقد عاد رسميون زاروا باريس، أخيراً، بأجواء «سلبية»، ونقلوا عن مسؤولين فرنسيين أن الشركة ليست في وارد استئناف أي أعمال في البلوك الرقم 9 حالياً. وهو ما سمعه وزير الأشغال علي حمية في العاصمة الفرنسية التي زارها في آذار الماضي.رغم تلكؤ «توتال»، أُدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في 5 أيار الجاري طلب من الشركة الفرنسية لتمديد مهلة تنفيذ العقد والاستكشاف لثلاث سنوات، بعدما درسته هيئة إدارة قطاع البترول وأصدرت توصيتها في 20 نيسان 2022 (الرقم 2/2022) بالموافقة على التمديد بعد تعديلات في التفاصيل. وبعد درس الملف في الجلسة، وبناءً على اقتراح وزير الطاقة وليد فياض، أقرّ مجلس الوزراء تمديد مهلة تنفيذ عقد الاستكشاف لمدة ثلاثة أعوام في البلوك الرقم 9 (تنتهي في 21 أيار 2025)، ولمدة عام واحد في البلوك الرقم 4 (تنتهي في 22 تشرين الأول 2023).
ضمّن وزير الطاقة قرار التمديد بنداً يلزم الشركة بمقابل مالي في حال تخلّفها عن تنفيذ التزاماتها


التمديد، بحسب مصادر وزارية، جاء «بالاستناد إلى المصلحة اللبنانية التي تقضي بالاستفادة من إبقاء «توتال» في لبنان في ظل عدم رغبة شركات أخرى في المشاركة في دورة التراخيص الثانية». وقد تبيّن أن أحد الأسباب التي أملت التمديد ضعف ورقة التفاوض اللبنانية. إذ إن وزارة الطاقة تواصلت مع عدد من الشركات العالمية، مثل «بتروناس» و«روسنفت» والشركة القطرية وغيرها، لاستطلاع رغبتها في المشاركة في دورة التراخيص الثانية السارية حالياً (تنتهي في 15 حزيران المقبل)، لكنها تلقت ردود فعل سلبية. لذا، وفق المصادر، ليس من مصلحة لبنان إخراج «توتال» وسط صعوبة العثور على بديل. غير أن المصادر الوزارية لم تعط تفسيراً لعدم ضغط الحكومة على الشركة لإجبارها على تنفيذ التزاماتها في البلوكين 4 و9.
مصادر وزارة الطاقة، من جهتها، أشارت إلى أن التمديد لـ«توتال»، أدّى إلى تحصيل «المفاوض اللبناني» نقاط قوة. إذ إن الشركة طلبت التمديد من دون شروط ولمدّة زمنية طويلة نسبياً، ووفقاً للاتفاق الأساسي الذي جرى على أثره توقيع العقود بين الجانبين إثر فوزها بدورة التراخيص الأولى. غير أن الجانب اللبناني أدرج شروطاً جديدة. وعلمت «الأخبار» أن وزير الطاقة اشترط بنداً يلزم الشركة بمقابل مالي في حال تخلّفها عن تنفيذ التزاماتها، إضافة إلى تسليم البئر «المخطوف» في البلوك الرقم 4، وقد نصَّ قرار التمديد على «أن تقوم الوزارة باتخاذ التدابير التي من شأنها بيان الجدية في عملية الاستكشاف وضرورة إلزامها بالقيام بهذه العملية ضمن المدّة المحددة».