انتظرت سكنة حرب، 38 عاماً لتلتحق بابنها الشهيد الشيخ راغب حرب. لم تكن تستعجل الغياب. استبدلت حزنها على بكرها بالغبطة لأنه فتح باب الجنة بيده ولأنه فتح باب الانتصارات. أما هي فكان عليها متابعة المسير عملاً بوصيّة ابنها: «الموقف سلاح والمصافحة اعتراف». فالمعركة عند استشهاده في 16 شباط 1984، كانت في بداياتها ضد الاحتلال. في تشييعه، لبست عمامته وتوشّحت بعباءته البيضاء التي بللتها دماؤه التي سالت برصاص عناصر «الموساد» وعملائهم.
(أرشيف)

بعد عام واحد، تصدّت للعدو الذي داهم منزلها بحثاً عن نجلها خليل. وبعد عام آخر، قدمت ابنها عبدالله شهيداً في إحدى عمليات المقاومة الإسلامية. كانت أم راغب في الخمسينيات من عمرها، عندما دعاها أولادها إلى ميادين الجهاد. حتى وفاتها في سن التاسعة والثمانين، لم تغب أم راغب عن أنشطة «حزب الله» واحتفالات تكريم الشهداء. على كرسيّها المدولب، عاندت السنين. لم تنس من هي ومن أنجبت. أول من أمس، قررت الاستراحة.
أمس، سار موكب تشييع نعشها المظلل براية الحزب، باتجاه بلدتها جبشيت. وتقدم المشاركين رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين في تأبينها إنها قد «أحسنت العطاء ونحن لا نودّع امرأة عادية».