طرابلس | أحدث الحريق الذي اندلع في مكب نفايات طرابلس قبل ظهر أمس هلعاً وخوفاً كبيرين في المدينة، وتحديداً في صفوف السكّان الذي يقيمون في مناطق قريبة منه، خشية من أن يكون الحريق مقدمة لانفجار المكب. فقد انتشرت إشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن الانفجار المرتقب، وفي حال حصوله، قد يشبه انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لأن مرفأ طرابلس مجاور للمكب، كما أن الدخان الأسود المنبعث من موقع الحريق غطى المنطقة، وشوهدت أعمدته ترتفع من مناطق بعيدة خارج طرابلس.كان ذلك كافياً لأن تشهد المنطقة القريبة من موقع المكب، الواقع في منطقة المحجر الصحّي غرب طرابلس، بمحاذاة مصب نهر أبو علي، نزوحاً واسعاً للأهالي منها. أما الشركات والمؤسسات والمحال التجارية والمعامل الموجودة في المكان فقد أغلقت أبوابها وصرفت مَن فيها مِن عمال وموظفين، بالتزامن مع قيام الجيش اللبناني والقوى الأمنية وشرطة البلدية إلى جانب شرطة اتحاد بلديات الفيحاء، الموجود مقرّه قريباً من موقع المكب، بإغلاق الطرقات بشكل كامل.
غير أن مسارعة عناصر فوج الإطفاء والدفاع المدني وطوّافات الجيش اللبناني، التي استقدمت من مطار رينيه معوض بالقليعات في عكّار للاستعانة بها، أسهمت في إخماد الحريق تدريجاً، قرابة عصر يوم أمس، بعد ساعات من اندلاعه في الجهة الشمالية ـ الشرقية من المكب، بعد السيطرة عليه ومنع تمدده، ومن ثم تبريد وتغطية موقع الحريق بالرمل.

حريق فوق السطح
سبب الحريق الذي كشفته مصادر مطلعة لـ"الأخبار" يعود إلى "قيام بعض العناصر الأمنية الموجودة في موقع قرب المكب، بارتكاب خطأ فوق سطح المكب، ما أدى إلى اشتعال النار في أعشاب يابسة، وتمددت لتأخذ في طريقها بعضاً من مخلّفات النفايات البلاستيكية، الأمر الذي يُفسّر انتشار الدخان الأسود في سماء المنطقة".
احتمال حصول انفجار غير وارد لأن نسبة الغاز في المكان ضئيلة جداً


رئيس لجنة البيئة في بلدية طرابلس نور الأيوبي أوضح لـ"الأخبار" أن "الحريق كان على سطح المكب وليس داخله، ومن هنا كانت سهولة السيطرة عليه وإخماده"، نافياً كل ما يُروّج عن احتمال انفجار المكبّ نتيجة حريق أو بسبب ضغط غاز الميثان داخله، موضحاً "كنا أجرينا 3 اختبارات في موقع المكب للتأكد من ذلك، وكانت النتيجة أن احتمال حصول انفجار غير وارد أبداً لأن نسبة الغاز في الموقع ضئيلة جداً". ولفت الأيوبي إلى أنه "كان يمكن للحريق أن يكون أكبر، وأن تكون نتائجه البيئية كارثية على طرابلس وجوارها، لو لم تتم إزالة عدد كبير من إطارات السيارات القديمة (قُدّرت بنحو 100 ألف إطار) من الجزء الجنوبي من المكب، منذ قرابة سنتين، بعد ضغط مارسناه على اتحاد بلديات الفيحاء الذي يشرف على المكب، لأنه لو بقيت الإطارات مكانها وتمدد الحريق إليها لكانت الكارثة قد وقعت".

تنفيس غاز الميثان
بدوره، استبعد مدير مختبر علوم البيئة والمياه في الجامعة اللبنانية ورئيس لجنة البيئة السابق في بلدية طرابلس الدكتور جلال حلواني أن "يؤدّي احتراق غاز الميثان في المكبّ إلى حصول انفجار فيه". وهذا ما أكّده وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين في تصريح له، من أنه "تم تنفيس غاز الميثان من المكب، وخطورة الانفجار ليست مرتفعة. الخطر هو من امتداد الحريق على أماكن يتجمع فيها غاز الميثان من دون تنفيس".
وأوضح حلواني لـ"الأخبار" أن "الحريق الذي اندلع نتيجة خطأ بشري غير مقصود، وناتج من إهمال، لن يؤدّي إلى انفجار المكب، لأن كمية غاز الميثان فيه ضئيلة جداً، ولا تشكل أي خطر عليه". لكنه أشار في المقابل إلى أن "انبعاث غاز الميثان من المكبّ سيستمر بسبب تفاعل النفايات العضوية فيه وتحللها بدءاً من العام 2019، وأنه يفترض اتخاذ إجراءات الحذر الشديد قبل الدخول إلى المكبّ أو التعامل معه".
وفسّر حلواني استبعاده انفجار المكب بسبب وجود غاز الميثان فيه بأن "هذا النوع من الغاز موزّع على أكثر من 20 طبقة رملية داخل المكبّ، لأن النفايات التي كانت تطمر فيه طيلة السنوات الماضية كانت تطمر بالرمال، بالتالي فإن الغاز ليس موجوداً داخل خزّان أو ما شابه، واحتمال انفجار المكب كما أشيع غير وارد".