كان يفترض أن يستغلّ النواب الأعضاء في لجنة المال والموازنة اجتماعهم بسفراء الاتحاد الأوروبي في لبنان (بلجيكا، بلغاريا، تشيكيا، قبرص، الدانمارك، اليونان، ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، فنلندا، المجر، هولندا، إيطاليا، رومانيا، سلوفاكيا، النروج، سويسرا) برئاسة السفير رالف طراف، لحثهم على تفعيل عمل بلادهم لمساعدة لبنان ومعالجة ملفات مثل النزوح السوري، ومكافحة الفساد، إلا أن بعض النواب ممن اعتادوا «التفسيد» على زملائهم، وجدوها فرصة لممارسة ما يتقنونه: الثرثرة. هكذا، بدأ نائبا القوات اللبنانية غسان حاصباني وغادة أيوب بنشر الغسيل اللبناني أمام «الأجانب»، ثم انضم إليهما ميشال معوض وفؤاد مخزومي. هؤلاء لم يتركوا أي خلاف بينهم وبين زملائهم وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إلا كشفوا عنه، فاضطر النواب حسن فضل الله وأيوب حميد وجهاد الصمد وآلان عون، إلى التدخل لمقاطعتهم وثنيهم عن متابعة الكلام عبر الإشارة إلى أن طرح هذه المواضيع في اجتماع مماثل أمر غير مناسب. حصل ذلك بعدما وصل هؤلاء الى حدّ الحديث عن ضرورة عدم إقرار الموازنة أو الخطة المالية أو القوانين الإصلاحية بصفتها قوانين «غير نافعة» بنظرهم.الاجتماع عقد بناءً على طلب وزارة الخارجية اللبنانية بعنوان «مناقشة الوضع الاجتماعي المتدهور وتأكيد دعم الاتحاد للبنان في مواجهة هذا الوضع». غير أن السفير رالف طراف اتّخذها مناسبة لإلقاء اللوم على «كسل» المجلس النيابي وإلقاء مواعظ على النواب الجدد لأنهم «لا يملكون نظرة واحدة للأمور»، بالإضافة إلى لوم النواب على التأخير في إقرار القوانين الإصلاحية. أما الأهمّ، فتمثّل بهجوم طراف على من ندّد بدعم أوروبا بقاء النازحين السوريين في لبنان والسعي إلى دمجهم بدلاً من تقديم حلول منصفة للطرفين، سائلاً: «أين كرم الضيافة التي يشتهر بها اللبناني؟» وكأن الأمر يتعلق بفنجان قهوة.
في مقابل كلام طراف، قدّم النائب فضل الله مداخلة طالب فيها دول الاتحاد الأوروبي بتحمّل مسؤولياتها تجاه ملف النازحين السوريين الذين يكلّفون الدولة والشعب أعباء مالية كبيرة مقابل عدم معونة أوروبية، بل مجرد قروض عسيرة. وسأل فضل الله هذه الدول عما قدمته من مساعدة سوى الإشادة بحسن الضيافة. وعرّج على ملفات يمكن لأوروبا المساهمة بحلحلتها كاستخراج النفط والغاز في المناطق غير المتنازع عليها بعدما تعاقدت الدولة مع شركات أوروبية ترفض القيام بدورها. وأيضاً المساعدة في استعادة الأموال المنهوبة التي أخرجت من لبنان إلى مصارف أوروبية، عبر تقديم المعلومات إلى لبنان، خاتماً بأن تشجيع الوفد على الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يقابله المجلس بإيجابية إذا كان «اتفاقاً ضمن الضوابط السيادية». وبدا لافتاً حديث نائبَي حزب الله، فضل الله وعلي فياض، مع الأوروبيين وهو أول لقاء مباشر بينهم وبين حزب الله، تخلّلته نقاشات واتفاق على التعاون لخدمة لبنان.
ونفى طراف تقديم أوروبا أموالاً لأي دولة لإبقاء النازحين أو أن تكون قد رحّلت أي شخص، مضيفاً بأنهم يجب أن يبقوا في لبنان، فقاطعه كل من الصمد وحميّد بالإشارة إلى تركيا التي تقاضت 4 مليارات دولار منهم عند تهديدها بترحيل النازحين من أراضيها. وختم طراف بإعادة التذكير بضرورة إقرار خطّة التعافي والقوانين الإصلاحية ومعالجة مشكلة المودعين والمصارف. لكن رئيس لجنة المال النائب إبراهيم كنعان، قال حينها إن المسؤولية تقع على عاتق السلطة التنفيذية التي قدمت أكثر من خطّة مالية وماطلت 6 أشهر لتقديم سعر صرف للدولار الجمركي. كذلك أشار إلى أن اللجنة والمجلس لا «يلعبان»، بل جرى إقرار الكابيتال كونترول مرتين، وأيضاً السرية المصرفية وأعيدوا بصيغة مختلفة. غير أن المشكلة كما قال، تكمن في إصرار الحكومة على رمي كل ما يقترحه صندوق النقد بطريقة عشوائية ومن دون أي رؤية واضحة: «ما يعيق الإصلاح ليس قلّة القوانين، بل ثمة مئات القوانين الإصلاحية الصادرة عن المجلس، إنما عدم تنفيذها. والدليل تدقيق اللجنة بالحسابات المالية وصدور تقرير بسرقة 27 مليار دولار لا يزال نائماً في ديوان المحاسبة. فأين المجتمع الدولي من كل ذلك؟».