لم يجتهد بري كثيراً، بل ظن أن ابن بعلبك - الهرمل يُمكنه أن «يأخذ ويُعطي» مع أهالي السجناء جيداً. رمى «دولة الرئيس» الحمل على غازي زعيتر وكلّفه إبلاغ المعتصمين، من دون مواربة، بأن «القانون لن يُقرّ بالاتفاق بين المسؤولين، لكننا نقوم بواجبنا بالعمل على اقتراح قانون خفض السنة السجنيّة ولو أن عملنا بالأساس ومطلبنا هو بإقرار العفو العام». هذا ما أثار حفيظة الأهالي الذين اعترضوا على التأجيل، مطالبين بـ«إقراره في جلسة اليوم (أمس)»، متخوّفين من عدم إقراره في ظل الفراغ الرئاسي، ليرد زعيتر مؤكداً أن «الشغور الرئاسي لا يمنعنا من التشريع».
على قدر استطاعته، حاول زعيتر السيطرة على غضب المعتصمين، إلا أنه لم يصمد كثيراً قبل أن يرفع صوته في وجههم ويطالبهم بالتوقف عن «الهَوبرة لأنها لا تمشي معنا»، ولو أنه عاد وأخفض صوته محاولاً ضبط أعصابه في وجه أسئلة المعتصمين. لم يُكمل زعيتر الاستماع إلى كلمة أحد الأهالي عن الموقوفين، حتى قال: «إن شاء الله خير» ثم رفع يده وسار عائداً إلى المجلس ما أثار غضب الأهالي أكثر، فصاروا ينادونه عبر مكبّرات الصوت، منتقدين «كيف أدار ظهره لنا ومشى، ولم يرض بأن يُعطينا أكثر من 5 دقائق من وقته».
في المقلب الآخر، كان السجناء يتابعون التطورات، مستائين من «كذب المسؤولين علينا»، ولكن شائعة انسحاب ميقاتي من الجلسة لرفضه عدم إدراج الاقتراح خففت من حنقهم عليه. غضب السجناء قابلته اتصالات من بعض المتابعين في الخارج أبرزهم رئيس جمعية لجان أهالي الموقوفين دمّر المقداد وبعض أعضاء هيئة العلماء المسلمين لتهدئة السجناء ومنعهم من القيام بخطواتٍ تصعيدية، واعدين بأن الاقتراح سيُقر في جلسة 27 تشرين الأول المقبل.
غضب السجناء قابلته اتصالات من بعض المتابعين في الخارج للتهدئة وعدم القيام بخطوات تصعيدية
في المقابل، يرى بعض المتابعين أن الحل لن يكون إلا باليد. واحدٌ من هؤلاء هو عضو «الهيئة» الشيخ نبيل رحيم الذي يؤكد لـ«الأخبار» أن «كل طرف سياسي يرميها على الآخر، فهناك من يقول إن المسيحيين يعطّلون الاقتراح، وآخرون يؤكدون أن الثنائي الشيعي هو من يفعل ذلك، فيما آخرون يرمونها على ميقاتي والمولوي، ولكن في الحقيقة الكل مشارك ويتحمّل مسؤولية اكتظاظ السجون وتفشي الأمراض وتحمّل الأهالي كلفة تأمين احتياجات أبنائهم. فعلياً السلطة في واد والأهالي في وادٍ آخر». ودعا الأهالي وكل شريف حر إلى «التوجّه إلى الشارع بطريقة حضارية لرفع الصوت بأن الدولة مشتركة في هذا الظلم». فيما حاول المقداد بث أجواء تفاؤل لدى السجناء بإشارته إلى أن «قانون خفض السنة السجنية سيتم إقراره قريباً»، ولو أنه يشير إلى أن هذا التفاؤل يشوبه حذر من إمكانية حصول ما هو غير متوقّع، لافتاً إلى أن الحل يكون حينها بالتوجه إلى منازل المرجعيات الطائفية.