علمت «الأخبار» أن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي استدعى الأسبوع الماضي، بناء لإشارة من المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع، سبعة سماسرة يعملون في السجل العقاري في الزلقا في منطقة المتن، وحقّق معهم قبل أن يخلي سبيلهم جميعاً في اليوم نفسه. وقال مواكبون للتحقيقات إن التعامل هذه المرة كان «ألطف» مقارنة بالأسلوب الذي اعتمد في أمانتي السجّل العقاري في بعبدا وعاليه. وعُزي ذلك إلى «متابعة سياسية للملف من قوى وأحزاب المنطقة دخلت على الخط» لتكون الاستدعاءات على «الناعم»، على عكس ما شهدته عقارية بعبدا عندما طلب ليشع من فرع المعلومات، أثناء الاستماع إلى المشتبه بهم، إرسال دوريات لتفتيش منازلهم والحجز على بعض المقتنيات، متى توافرت لديه علامات تثير الشكوك بارتكاب المتهم لجرم الإثراء غير المشروع. وهو ما لم يحصل في عقارية المتن، حتى وإن كانت الذريعة أن الاستدعاءات اقتصرت حتى الآن على السماسرة، بصفتهم المدخل وصندوق المعلومات. علماً أنه في بعبدا أوقف السماسرة بالتزامن مع توقيف موظفين، ولم يجرِ التفريق بين موظف يتم توقيفه وسمسار يستفيد من قانون كاشفي الفساد، فيدلي بإفادته ويعترف من رشى من الموظفين ويخلى سبيله.العارفون بأحوال عقارية المتن وكيف تسلك المعاملات هناك طريقها إلى المكاتب، ينقلون أخباراً عن فسادٍ لا يقل عن ذلك المستشري في عقارية بعبدا بأقلامها الثلاثة: بعبدا، عاليه والشوف. وإذا كان ما يسمى بـ«مكافحة الفساد» في أمانات السجل العقاري في جبل لبنان تحديداً قد أُخِذَت نوعاً ما على محمل الجد، في بلدٍ فقد مواطنوه الأمل بالمحاسبة، فلأن كل ما نُقِل منذ شهرين عن تحقيقات ليشع كان يتّسم بالجدية والحزم، وبأن الأمور تسلك المسار الصحيح. إلا أنه ما إن تبدأ علامات التراخي تلوح في أفق القضية، فسيؤدي ذلك إلى ركن الملف بجانب مئات القضايا المؤجّلة إلى أجل لن يأتي، أو إلى معالجاتٍ استنسابية مبتورة.
بخلاف المسار المتوقع الاستدعاءات بدأت في المتن لا في الشوف


اللافت أيضاً هو انتقال ليشع إلى فتح ملف أمانة السجّل في المتن، في وقت لم يُباشر تحقيقاته في قلم الشوف التابع لأمانة سجل بعبدا التي تجري فيها التحقيقات. علماً أنه طلب منذ نحو عشرة أيام من دوائر الشؤون العقارية بيانات نفي ملكية لموظفي السجلّ العقاري في الشوف، وعددهم حوالي 18، لمعرفة ما يمتلكونه من عقارات، كما طلب من مصلحة النافعة إبلاغه بأعداد وأنواع المركبات المسجّلة بأسمائهم، ومن المصارف إيداعه كشوفات عن حساباتهم، ومن الكتّاب العدل عبر وزارة العدل إبلاغه بما لديهم من معاملات تخصّ الموظفين، كالاتفاقيات والعقود غير المسجّلة للتحقق من امتلاكهم عقاراتٍ غير مسجّلة رسمياً بأسمائهم. في حينها اعتُبِرَ ذلك مؤشراً على التوسّع في التحقيقات، وأن النيابة العامة ستطلب استدعاء سماسرة وموظفين في قلم الشوف، وتُخضِعَهم للتحقيق على نسق زملائهم في قلمي بعبدا وعاليه، إلا أن ذلك لم يحصل، وتغيّر المسار مع انتقال عمل ليشع على ملف عقارية المتن. كما أن عدم تمكّن القضاء طيلة الفترة الماضية من استجواب أمين سجّل الشوف هـ. طربيه المتواري عن الأنظار، إضافة إلى التباسات أخرى، يصب وفق مصادر معنيّة «في مصلحة الموظفين في قلمي بعبدا وعاليه، الموقوفين والفارّين خارج البلد، إذ يمكن لوكلائهم التذرّع بأن الملف مسيّس لإضعاف الادعاءات».
وفي آخر المستجدات، في ما خص التحقيقات السابقة، أخلى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور سبيل موظف واحد (ع. غ.) من أصل 30 أوقفوا في عقارية بعبدا.