لم تنجح، حتى الآن، محاولات الاستغلال والاستثمار السياسي والمذهبي في قضية اختفاء الشيخ أحمد شعيب الرفاعي، والتي حاول النائب السابق خالد الضاهر (ترشح في الانتخابات الأخيرة ضمن لائحة القوات اللبنانية في عكار)، وأحد محركي قادة المحاور في طرابلس، استغلالها للتحريض على بعض الأجهزة الأمنية عبر اتهامها بالوقوف خلف اختفاء الشيخ. محاولات التحريض، لاقت ردود فعل شاجبة ومنددة ألزمت مطلقيها الصمت وأجبرتهم على التراجع، خصوصاً أن الرد على هذه الدعوات جاء من قبل قادة محاور سابقين توجهوا مباشرة للمحرضين، داعين الشبان في طرابلس إلى «التروي وعدم الانجرار وراء كلام صادر عمن يريد توريط شبابنا لغايات مشبوهة»، مؤكدين أن «لنا تجربة سيئة للغاية مع هؤلاء الذين يسعون لجعل مدينة طرابلس صندوق بريد، ولا يجوز التحريض لزج شبابنا في السجون، بينما هم يجنون الأموال الطائلة».
في المقابل، كثف الجهاز الديني في عكار، يتقدمه المفتي الشيخ زيد بكار زكريا، من اتصالاته لمعرفة مصير الرفاعي، وضبط الشارع، وللغاية التقى، مع ممثل مفتي الجمهورية الشيخ خلدون عريمط، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واللواء عباس إبراهيم.
تزامناً، عقدت فاعليات عكار الدينية مؤتمراً صحافياً حاشداً في منزل القاضي الشيخ أحمد بشير الرفاعي في القرقف، جرى خلاله التأكيد على «عدم السماح للأجهزة الأمنية بالاستخفاف بالعمائم والساحة السنية وفتح باب الفتنة»، وشددوا على ضرورة كشف الحقيقة في أسرع وقت يمكن.
وحذر رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ مالك جديدة من الفتنة: «ما زلنا نتحلى بالاعتدال والحكمة ونحن نصر على أن نبقى مفاتيح خير في هذا البلد فلا تستخفوا بالقضية التي قد تكون بوابة الشر». وقال: «على الأجهزة الأمنية أن تعلم أن باستخفافها تستخف بالجهاز الأمني جميعا، وعليكم الاثبات أن بلدنا بلد المؤسسات وليس بلد المزارع والنكايات، ونحن نطالب بجواب سريع وأن يلتئم الجرح قبل أن تفتح بعده جراح».
من جهته، أكد الشيخ عبد الرحمن الرفاعي، في كلمة باسم العائلة، أن ما يجري بعد خمسة أيام على اختطاف الشيخ الرفاعي أمر مرفوض متوجهاً إلى القوى الأمنية بالقول: «إن كنتم تدرون فهي مصيبة وإن كنتم لا تدرون فالمشكلة أعظم، لأننا سنكون أمام مشكلة أمنية على صعيد الوطن وسنكون أمام فتح باب لفوضى لا يغلق، وأمام احتمال للأمن الذاتي في المناطق اللبنانية»، مطالباً الدولة «بكل أجهزتها الأمنية والقضائية أن تسخر لفك شيفرة اختفاء شيخ معمم في العاصمة الثانية، وأمام أعين كاميرات المراقبة».
وأضاف: «نحن ركن من أركان الوطن ولسنا مكسر عصا لأي جهاز ولسنا وقود فتنة، ولن نقبل أن يؤتى الأمن من قبلنا ونحن نحذر من الفتنة والداعين اليها والمصطادين في الماء العكر، ونطالب أن تتعامل الأجهزة الأمنية بجدية حتى لا تذهب الأمور إلى مكان آخر»، مؤكداً «اننا مؤمنون بالشرعية السياسية لأننا نؤمن بالدولة وبالشرعية الدينية، ونحن لا نتهم أحداً بل نحملهم مسؤولية وطنية وتقصيرية».
تأزم الموضوع، ومحاولة تحريفه في غير اتجاهه، دفع برئيس بلدية القرقف الشيخ يحيى الرفاعي إلى إصدار بيان يرفض خلاله توجيه الاتهام إلى جهات أمنية أو سياسية أو حزبية من دون دليل ثابت وملموس، مؤكدا «أن هذا الأمر لا يخدم القضية، ونحن لا نريد أن تكون قضيتنا ساحة لتصفية الحسابات»، داعيا إلى «عدم استغلالها لمصالح شخصية أو سياسية أو حزبية»، مؤكدا أنه «مستعد للمثول للتحقيق أمام أي جهاز أمني، في محاولة للرد على كل من يسعى للتشويش على القضية والغمز من جهة الخلافات الشخصية بينه وبين الشيخ المخطوف أحمد الرفاعي على خلفيات سياسية».
وعلمت «الأخبار»، أن «الأجهزة الأمنية تمكنت من تعقب سيارة الشيخ التي عثر عليها أمام مستشفى ألبير هيكل في منطقة الكورة، وذلك بعد أن تمت إزالة اللوحة، وهي الآن تقوم بعملية رفع وتحليل البصمات، كما يتم العمل على تحليل داتا الاتصالات، ولكن من دون التمكن من رصد مكالمات الواتساب، وهو ما يجعل العمل معقداً للغاية».
وترجح المصادر «أن يكون السبب وراء اختطاف الشيخ عائدا لأسباب مادية وعائلية، خصوصا أنه كان يحمل مبلغا كبيرا من المال، مؤكدة أنه غير موجود لدى أي من الأجهزة الأمنية على الاطلاق وهذا الأمر بات واضحا بالنسبة لعائلته».
وليلاً أقدم فرع المعلومات على مداهمة منزل رئيس بلدية القرقف في عكار يحيى الرفاعي وذلك على خلفية اختفاء الشيخ الرفاعي. وأفادت المعلومات بتوقيف رئيس البلدية ونجله علي وابن أخيه وهو عنصر في القوة الضاربة. كما تشهد بلدة القرقف في عكار حالة من التوتر وسط انتشار كثيف لمخابرات الجيش.