تماماً كما لم تُعرف الأسباب التي أدّت إلى تطيير جلسة الخميس الماضي التي كانت مُخصّصة لإصدار المحكمة العسكرية أحكامها بحق موقوفي أحداث خلدة التي وقعت في آب 2021، لم تُعرف أيضاً الأسباب التي تُفضي اليوم إلى بث أجواء إيجابيّة بإمكان إعادة القضيّة إلى السكّة لإنهائها.هذه الإيجابيّة تجلّت في تطمينات وصلت إلى فعاليات عشائر عرب خلدة بأن الأحكام لن تكون مُشدّدة، وتأكيدات بأنّ لا علاقة لحزب الله أو مخابرات الجيش بتأجيل الجلسة الماضية. وهذا ما استدعى إعادة فتح القنوات غير الرسميّة بين المعنيين (لم يُعقد أي اجتماع للنواب في مديرية المخابرات خلال هذا الأسبوع)، مع إمكانيّة تقريب موعد الجلسة التي أُرجئت إلى 18 نيسان المقبل، والسير في التسوية التي تم التوصل إليها سابقاً بإصدار أحكام لا تتعدى الـ7 سنوات لموقوفَين أو ثلاثة، وبين 3 و5 سنوات على البقية.
التمهيد لتقريب موعد الجلسة جاء في ردّ النيابة العامّة التي أحالت إليها المحكمة العسكريّة ملف أحداث خلدة لاستطلاع رأيها بشأن الاختلاف الوارد في مواد الاتهام المتعلقة بالمتهم سهيل نوفل. إذ كررت النيابة ما جاء على لسان مفوض الحكومة المعاون القاضي هاني حلمي خلال الجلسة الأخيرة، بأنّ «الاختلاف بشأن ما ورد بخصوص نوفل بين فقرة التعليل والفقرة الاتهامية، لا يوجب أي ادعاء جديد بحقّه من قبل النيابة العامة العسكرية، وطلب من المحكمة اعتبار هذا الاختلاف من قبيل الخطأ المادي الذي يمكن للمحكمة أو لقاضي التحقيق العسكري تصحيحه». كما طلب الحجّار فصل ملف نوفل عن بقية المدّعى عليهم «في حال اعتبار أن هذا الاختلاف يتجاوز إطار الخطأ المادي القابل لأن يُصحح».
وبذلك، أعاد الحجّار رمي الكرة في ملعب المحكمة، تماماً كما فعل رئيس هيئة المحكمة الاحتياطيّة العميد روجيه حلو الذي حاول إلصاق «تهمة» التأجيل بالنيابة العامّة التي استدركت الأمر سريعاً، خصوصاً أنّ المعلومات تُشير إلى أنّ الحلو زار الحجّار قبل موعد الجلسة في مكتبه ليعرض عليه معضلة ادعاء نوفل وإمكانية قيام الأخير باقتراح تأجيل الجلسة، فيما أصرّ الحجّار على أنه لن يجيب على طلب حلو إلا على قوس المحكمة.
حزب الله والجيش: رئيس المحكمة اجتهد وطيّر الجلسة!


ومهما يكن من أمر، فإنّ جواب الحجّار الذي تلقّته المحكمة أول من أمس، فتح الباب من جديد أمام السيْر بأحد اقتراحَي النيابة العامّة وتقريب موعد الجلسة لإصدار الأحكام هذا الأسبوع قبل إحالة حلو على التقاعد الإثنين المقبل. فيما تؤكد معلومات «الأخبار» أنّ الأخير لم يعمد حتى مساء أمس إلى تقريب موعد الجلسة.
وعليه، يجري تداول إمكانية التمديد لحلو لفترة زمنيّة لا تتعدّى 3 أشهر ليتسنّى له إصدار أحكامه في الملف بعد تحديد موعد قريب للجلسة، عازين الأمر إلى إصرار حزب الله على أن لا تُصدر الأحكام من قبل رئيس المحكمة العسكريّة العميد خليل جابر الذي كُلّف منذ أشهر (من دون أن يقوم وزير الدفاع الوطني موريس سليم بتوقيع مرسوم) وإبعاد «الكأس المرّة» عنه، تماماً كما حصل حينما أصرّت المحكمة على أن يحمل الحجّار «كرة نار» الأحكام بدلاً عن مفوّض الحكومة المُعاون الذي كان مُناوباً يوم انعقاد جلسة خلدة الأسبوع الماضي.
في المقابل، هناك من ينفي هذه الرواية، ويؤكد أنّ حلو هو من يتحمّل وحده مسؤولية تطيير الجلسة للضغط على قيادة الجيش للتمديد له على رأس المحكمة. ويستدلّ هؤلاء على ذلك بتأجيله جلسات ملف خلدة لأكثر من مرة لأسبابٍ واهية كتأخر أحد المحامين ورفض انتظاره، أو لأن الموقوفين أحدثوا جلبة أثناء نزولهم من آليات السوْق... كلّ ذلك، يؤكّد، بالنسبة لبعض المتابعين، سبب إصرار حزب الله وقيادة الجيش على عدم التمديد لحلو، ولو لفترة قصيرة، مشيرين إلى غضب لدى قيادة الجيش ومديريّة المخابرات وحزب الله من اجتهاد حلو في تأجيل الجلسة خلافاً لما تم الاتفاق عليه. كما يعتبر مسؤولون في الجيش أن لا إمكانيّة في الأصل للتمديد لحلو لأنّها ستكون سابقة في التمديد لرئيس هيئة احتياطيّة وستفتح الباب أمام بعض الطامحين إلى التمديد، بالإضافة إلى أنّ إحالته على التقاعد لن تؤدي إلى الشغور في المحكمة بوجود هيئة احتياطيّة ثانية جاهزة لتسلّم المسؤولية والسير بالملف في حال أصرّ وزير الدّفاع على عدم توقيع مرسوم تعيين جابر.