على وقع جلسة اللجان النيابية المُشتركة التي تحوّلت إلى جلسة هزلية لاستجوابٍ الحكومة والمصرف المركزي، ووضعهم شكلياً أمام مسؤولياتهم لتخفيف العبء المعيشي عن الناس، كانت قوى حفظ أمن النظام تُمطِرُ الناس أنفسهم بقنابل مسيّلة للدموع في ساحة رياض الصلح، فقط لأنّهم احتجّوا على تقاضيهم رواتب لا تتخطى الـ50 دولاراً.«ملاليم» الليرات المحسوبة زوراً رواتب، استدعت احتجاجاً واسعاً لحراك العسكريين المتقاعدين باتجاه السراي الحكومي. لهؤلاء قصتهم ومطالبهم المحددة والمعروفة. وكما في كل تحرّك ينظّمونه أرادوا أن يتولّوا هم رفع الصوت بأوجاعهم غير القابلة للاستغلال من نوابٍ رفعوا سقف الوعود الوهمية قبل انتخابهم، شأنهم شأن نواب «المنظومة». وعليه جاء الطلب من بولا يعقوبيان وياسين ياسين بمغادرة الساحة، وعلى مسامع نجاة صليبا هتفوا «كلن يعني كلن». اختصروا المشهد بقول أحدهم «لا نريدكم في الساحة إنما داخل المجلس تشرّعون لإنصافنا». إدراكهم لترتيب الأدوار، لم يمنعهم من محاولة اقتحام السراي مرات عدّة، هم العارفون بأنّ العسكر الحارس للمداخل سيواجههم بالركل والضرب قبل أن يأتي إسناد مكافحة الشغب بسيلٍ من القنابل التي أطلقت عليهم مباشرة. علماً أن أعداد المتظاهرين لحظتها لم تكن تحتاج للكم الهائل من القنابل التي خلّفت إصابات عدة، خصوصاً أن غالبية المتظاهرين من المتقدّمين في السن.
وضعت السلطة العسكر مرة جديدة في وجه بعضه بعضاً، في حين أن أحوال من هم في الخدمة ليست أفضل من المتقاعدين، ووسط تطوّر الأحداث السريع، ازدادت أعداد الوافدين إلى الساحة لدعم المتقاعدين، الذين أصرّوا على ألا يُحسبوا على طرفٍ أو جهة، فرفضوا تواجد ناشطين اعتبروهم مستغلين للقضية. كما لبّى وفد يرأسه العميد جورج نادر دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للتباحث، الذي رسا على وعد ميقاتي بإدراج القضيّة على جدول أعمال جلسة الحكومة الاثنين المقبل. فضرب العسكر موعداً جديداً للاحتجاج سيتزامن والجلسة الموعودة، علماً أن الوفد أكّد في الداخل عدم تصديقه للكلام الممجوج عن إنصافٍ يؤمنون بأنه لن يأتي إلا بالقوة.