بالتطبيق، بدأت تتكشّف ثغرات قانون الشراء العام، ومنها سماح بعض مواده بإنجاز عقودٍ بالتراضي. كالمادة 46، التي تجيز فقرتها الرابعة لكل الجهات التي لديها «اعتبارات أمنية» إبرام عقود بالتراضي.هكذا أجرت المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء، في 16 شباط الفائت، اتفاقاً بالتراضي مع شركة «سي بلاس ش.م.م.» بقيمة مليار و443 مليون ليرة شهرياً، للقيام بأعمال التنظيف وصيانة المساحات الخضراء في السراي، وفق ما ورد في نص الاتفاق. ووفق القانون، يتم نشر الاتفاق قبل عشرة أيامٍ من توقيعه على موقع هيئة الشراء العام الإلكتروني، وإذا لم تعترض أي شركة أخرى أو تقدّم عرضها، يصبح بإمكان الجهة الشارية، أي السراي الحكومي في هذه الحالة، توقيع العقد، ويحصر القانون دور هيئة الشراء العام بالتدقيق اللاحق في العقد ويحق لها معارضته من دون أن يكون قرارها ملزماً بفسخه.
أما في حالة هذا العقد بالتحديد، فيؤكد رئيس الهيئة جان العلية أن المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء طلبت منه إبداء الرأي بالعقد وأعطى موافقته. ويبرر علية ذلك بأن العقد يشمل تنظيف مبنى السراي الحكومي من الخارج والداخل، بغرفه ومراحيضه ورش الأدوية والمبيدات بما في ذلك في الغرف المخصصة لرئيس الحكومة، ولأن الموضوع له طابع أمني شديد، يحتّم بقاء عمال التنظيفات يومياً في السراي، فإن «لا مشكلة بتلزيم شركة موثوقة من قبل المديرية العامة للسراي، بدلاً من شركات غير مأمونة الجانب قد تدخل لتنفيذ عمل أمني ما»، ولأسباب كهذه «أبقى القانون المجال مفتوحاً في المادة 46 لعقود التراضي لأسبابٍ أمنية».
اتفاق التنظيف بحد ذاته مع «سي بلاس»، وفق معلومات «الأخبار»، يحتّم تواجد 40 عامل تنظيفات داخل السراي، وهو عقد قديم، ويجدد في كل عام منذ سنوات مع الشركة عينها. وفي كل مرةّ يُعاد فيها تلزيم الشركة تثار حوله بلبلة اعتراضاً على فكرة عقود التراضي، التي ظنّ كثيرون أن صفحتها طويت مع إقرار قانون الشراء العام، ليتبيّن أن الأخير جعل بعضها مقونناً، من دون أن يعني ذلك أن الاعتبارات الأمنية أو سواها ستؤدي حتماً إلى تلزيم الشركة صاحبة العرض الأفضل وليس فقط الشركة الأكثر ثقة أمنياً.