ما من شيء يردع حكام دولة الامارات العربية عن المضي في جريمة توقيف مقيمين على ارضهم واعتقالهم أو إبعادهم أو قتلهم من دون سبب. حكام «مدن الملح» ينفّذون جرائمهم ليل نهار بلا رادع، متكلين على ان ليست في لبنان دولة أو حكومة تهتم لحياة الرهائن من مواطنيها، وعلى صمت مطبق في بيروت، حيث ما من موقف رسمي، أو إدانة من منظمة حقوقية، محلية أو عالمية، من تلك الكثيرة التي تنامت كالفطر في السنوات الأخيرة، ولا تصريح من حكومة عربية أو غربية، تطالب حفنة القراصنة بوقف حفلة جنونهم الدموي.وما يزيد في اطمئنان حكام الامارات إنجازهم، خلال سنوات قليلة، عملية شراء حقوق البث والنشر من الغالبية الساحقة لوسائل الاعلام اللبنانية المكتوبة والمرئية والمسموعة والالكترونية، ويقينهم من أن في لبنان جهات سياسية وأجهزة امنية ومؤسّسات رسمية ستنبري للدفاع عنهم في وجه أي هجوم او انتقاد او مساءلة.


وفوق ذلك كله، يتصرف حكّام الامارات على قاعدة انه لا يوجد في لبنان، اليوم، قوى او جهات قادرة على ممارسة دفعل الثأر» ضد مصالحهم رداً على هذه الجرائم، ما جعلهم يتجاوزون كل الحدود. فلا يكتفون بخطف لبنانيين يعملون في بلادهم منذ عقود، واعتقالهم في سجون سرية لا يمكن الوصول اليها، ويقفلون الأبواب في وجه المراجعات السياسية او القانونية بحجة «الامن القومي»... ووصل جنونهم، في دولتهم البوليسية المدعومة من «العالم الحر» ومن «ثوار السيادة والحرية» في لبنان، حد قتل احد الموقوفين تحت التعذيب الوحشي الذي سبق لمعتقلين سابقين أن تحدثوا عن فصوله القاسية.
قتل الشهيد المظلوم غازي عزالدين جريمة موصوفة. قتله رجال الامن في الامارات تحت التعذيب لانتزاع «اعترافات» منه بأمور لا يعرف عنها شيئاً. وبعد الجريمة، عمدوا الى لف جسد الشهيد، وأبقوا على جزء من وجهه مكشوفا ليتعرف عليه ابنه، قبل ان يتم دفنه في مكان غير معلوم لضمان اخفاء كل دليل على جريمتهم.
لم يراع حكام الامارات، في ممارساتهم، حتى عادات القبائل التي يدّعون الانتساب إليها وإلى عاداتها. وهم افرجوا، بصورة مؤقتة، عن اقارب الشهيد تحت وطأة الجريمة، لكنهم منعوهم من السفر، كما منعوا اعادة الجثمان الى لبنان، ويقفلون الباب امام كل الوساطات، ويتكلون فقط على ان احداً لن يتمكن من ارغامهم على خطوات بديلة.
كما هي حال فرنسا التي لا تزال تخطف الأسير جورج عبدالله، تواصل الامارات خطف عدد من اللبنانيين بتهم سخيفة. حكام الامارات ليسوا سوى حفنة من المجرمين، مهما أضفوا على صورهم من القاب، وكل من يجاريهم ويصمت عن جرائمهم شريك، بدرجة او باخرى. لكن، تبقى المسؤولية على لبنانيين، يفترض ان يقوموا بما يضع حداً لهؤلاء الوحوش!