بارتياح شديد، يتعاطى مؤيدو ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية مع التطورات. ارتياح عبّر عنه الرئيس نبيه بري علناً، ويستند إلى جملة معطيات مبنيّة أساساً على حركة القاطرة السعودية التي مرت حتى الآن بمحطات ثلاث، ويتوقع أن تصل إلى محطتها الرابعة، بين 20 الجاري، موعد انعقاد القمة العربية في جدة، و15 حزيران المقبل، بالإفراج عن انتخاب فرنجية رئيساً، ترجمةً للمناخ الإقليمي الهادئ المتوقع أن تسفر عنه القمة بعد المصالحات الإقليمية الأخيرة.منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، تعاطى هذا الفريق على أن أمام فرنجية عقبتين أساسيتين: مسيحية وسعودية.
في العقبة الأولى، كان التعويل على أن تفاهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، كفيل بتجاوزها، على أن يتولى بري حواراً مع القوات اللبنانية، وإذا لم تقتنع فإن تمثيل باسيل المسيحي يكفي ويزيد لتغطية فرنجية. خيبة الأمل أتت من رفض رئيس التيار التام لأي محاولة لإقناعه مقابل أي ضمانات يريدها من نصرالله شخصياً.
العقبة الثانية، السعودية، نُظر إليها على أنها الأصعب. بواقعية، أقرّ هذا الفريق بأنه من دون موافقة الرياض لن يطأ رئيس تيار المردة قصر بعبدا. وبواقعية، أيضاً، كان هذا الفريق يدرك بأن موافقة السعودية على فرنجية، في ظل الاشتباك الإقليمي الحادّ، يكاد يكون من رابع المستحيلات.
وهو ما عبّر عنه السعوديون في اللقاء الخماسي الأول برفضهم أي بحث في تسوية المقايضة الفرنسية (فرنجية مقابل نواف سلام)، مصرّين على ترشيح قائد الجيش جوزيف عون أو مرشح من خارج الاصطفافات السياسية في لبنان. وكانت هذه محطة انطلاق القاطرة السعودية.
لم ييأس الفرنسيون، بالتزامن مع بدء التواصل الإيراني - السعودي، من محاولة تليين موقف الرياض. كانت حجتهم أن أي رئيس لا يرضى به حزب الله لن يحكم. أدركت السعودية أن لا حظوظ لقائد الجيش، فانتقلت إلى المحطة الثانية برفع الفيتو في وجه فرنجية والإصرار على مرشح من خارج الاصطفافات.
الرياض تعود إلى المربع الأول لتسوية المقايضة الفرنسية التي كانت ترفضها


أمام العقبتين السعودية والمسيحية كان قرار مؤيدي فرنجية كالتالي: إذا لم نكن قادرين على إنجاحه، سنمنع انتخاب غيره... تعطّل النصاب وسُدّت السبل، إلى أن «انفجرت» المصالحة بين الرياض وطهران، في 10 آذار الماضي، في وجه الجميع. بدا واضحاً أن محمد بن سلمان يريد التخفف من كل أثقال المرحلة الماضية والتفرغ لـ«نيوم» و«رؤية 2030»... فكانت المحطة الثالثة، والأكبر، في سحب الفيتو من وجه ترشيح فرنجية.
عليه، منطق الأمور، وفق مؤيدي فرنجية، هو أن انتظار المحطة الرابعة والأخيرة للموافقة على انتخابه لن يطول كثيراً بعد القمة العربية. لا بل إنها بدأت تلوح في الأفق. وناهيك عما بات معروفاً عن تهديد السفير السعودي وليد البخاري بالعقوبات على من يعطّل النصاب في جلسة انتخاب الرئيس، فإنه في لقائه مع نواب تكتل الاعتدال أخيراً، وإبلاغه إياهم بـ«أننا لا نتدخل في الانتخابات»، سأله أحدهم: «لا فيتو على فرنجية وهل يمكن أن نصوّت له؟»، فأجاب: «لا فيتو وأنتم أحرار». وعندما سئل: «هكذا من دون Deal؟»، أجاب: «الديل يأتي لاحقاً. هناك رئاسة الحكومة وغيرها». بهذا المعنى، هذه عودة إلى المربع الأول لتسوية المقايضة الفرنسية التي كان السعوديون يرفضونها.
بهذا، تكون قد أُزيلت، مبدئياً، العقبة السعودية لتبقى العقبة المسيحية.
بحسب مؤيدي فرنجية، وعلى عكس ما يشاع، فإن عدم حماسة قطر لاستضافة اللقاء الخماسي في الدوحة تعبّر عن اقتناعها بالفشل في تسويق قائد الجيش، بعدما سمع موفدوها رفضاً صارماً من أكثر من طرف سياسي. وفي المقابل، يشكّك مؤيدو فرنجية بإمكان نجاح المفاوضات الجارية بين الكتل المسيحية الرئيسية المعارضة له في التوافق على اسم مرشح، خصوصاً إذا ما بقي باسيل مصرّاً على ألا يكون هذا المرشح مستفزاً لحزب الله. فالأسماء المطروحة، وفق هؤلاء، جميعها «مستفزّة للحزب» بما فيها جهاد أزعور الذي يطرحه باسيل نفسه. بالنسبة لهذا الفريق، الاسم الوحيد الذي لا يستفز حزب الله هو: سليمان فرنجية.