في الشارع الفوقاني في عين الحلوة، يقيم محمد غندور منذ عام 1988. ابن مخيم برج البراجنة نزح قسراً إلى عين الحلوة بسبب حرب المخيمات. يقر ابن حركة «فتح» بأنه يعيش عمراً إضافياً منذ 24 أيلول 1984 بعد مشاركته في الهجوم على موقع الاحتلال في الأولي في صيدا. الموت نال من رفاق العملية، الفرنسية فرنسواز كستيمان والسوري سمير المصري وابن مخيم الرشيدية خليل ظاهر. قلة تعرف تجربة «أبو علي». يتحاشى الاستعراض خجلاً ممن استشهد وأُسر، ويخاف من غدر الدموع التي تخنقه كلما استذكر «الأخت فرانسواز».

في مستوصف البص، تعرّف غندور إلى الممرضة المتطوعة في الهلال الأحمر الفلسطيني. علم منها أنها تركت طفلين لها في نيس، أحدهما مقعد. بعد معايشتها لضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، طلبت من فتح تدريبها على السلاح لتنخرط في العمل الفدائي. تُوجت مهاراتها بإطلاق الصواريخ باختيار من قبل الزعيم ياسر عرفات لها لتنفيذ عملية في عمق فلسطين المحتلة. شكّلت فتح المجموعة من غندور وظاهر والمصري وطارق مصطفى، لتنفيذ عملية بواسطة زورق زودياك يصل إلى الساحل المحتل ويخطف مستوطنين بهدف مبادلتهم بالأسرى. الحصار المعادي منع الزورق من الوصول، فاستبدل الهدف بمعسكر الأولي. بحسب غندور، نزلوا من الزورق واشتبكوا مع الجنود حتى استشهد المصري وظاهر وفرنسواز، وأُسر غندور ومصطفى قبل أن يُطلقا بعملية تبادل للأسرى عام 1985.
جثامين الشهداء الأسيرة نُقلت إلى البراد الذي استحدثته قوات الاحتلال بجوار عين الحلوة. حاولت مجموعة تنفيذ عملية لتحرير الجثامين. استشهد شابان. إلى أن تدخّلت السفارة الفرنسية في بيروت لتحرير جثمان فرانسواز حصراً. وبناءً على طلب والدتها التي حضرت إلى لبنان، أقيمت الجنازة الشعبية في بيروت ودُفنت في مقبرة الشهداء في شاتيلا. أما جثمانا المصري وظاهر فعادا في صفقة تبادل الأسرى عام 2008.