دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى جلسة لمجلس الوزراء غداً، بجدول أعمال من بند وحيد لبحث عقد اتفاق بالتراضي مع محاميَين فرنسييَن لتمثيل الدولة اللبنانية أمام المحاكم الفرنسية، في جلسات تثبيت الحجز على أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.الغرض من الجلسة ليس ضمان استرداد الأموال المنهوبة العائدة لسلامة وشركائه والتي حجزها القضاء الفرنسي، بل إحراج وزير العدل هنري خوري بعد «قصّ جوانحه» في الجلسة السابقة الجمعة الماضي.
فقد عمّم مكتب ميقاتي أمس كتاباً وجّهته الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى وزير العدل حول الموضوع، قبل أن ينشر بعد ساعة الدعوة الى جلسة حكومية للبحث في المسألة. وجاء نشر الرسالة في اطار تخفّف رئيس الحكومة من المسؤولية عن عدم انعقاد الجلسة في حال عدم حضور الوزير على قاعدة أنه أتم واجباته، وبالتالي عدم تحمّل أي مسؤولية عن عدم إصدار مرسوم بتعيين المحامين.
وكان خوري قد أرسل كتاباً يحيل فيه العقدين الموقعين بالتراضي بين الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلينا إسكندر والمحاميين إيمانويل داوود وباسكال بوفي لتمثيل الدولة في الدعوى المقامة ضد سلامة في فرنسا، وطلب عرض الموضوع على مجلس الوزراء لإصدار مرسوم، فامتنع ميقاتي عن النظر في الأمر لـ 20 يوماً بحجة أن لا جلسة قريبة للحكومة، وابتدع عثرات في الكتاب، منها عدم تضمّنه رأي المدير العام لوزارة العدل محمد المصري الذي لجأ الى ميقاتي باعتباره مرجعيته الطائفية. وفي جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، استدعى ميقاتي المصري للاستماع إليه من دون علم وزير العدل أو إذنه، فنفى المصري أن يكون قد تقدّم بأي اقتراح لتعيين المحامين، وقال إن لديه شكوكاً بأن إيمانويل داوود، أحد المحاميَين، «عضو في مؤسسة تناصر الأفكار الصهيونية»، وأوصى «بقيام هيئة القضايا باستدراج عروض جديدة حسب الأصول بعد إلغاء واسترداد العقود المخالفة للقانون»، علماً أن داوود توكّل أخيراً فرنسياً من أصول فلسطينية يدعى صلاح حموري، في دعوى رفعها ضد مؤسسة إسرائيلية عمدت الى مراقبة هاتفه عبر برنامج «بيغاسوس» للتجسس، وتبين أنها قامت بالأمر نفسه مع فلسطينيين آخرين.
تسويف رئيس الحكومة يهدد بضياع أكثر من 120 مليون دولار على الخزينة


المحاميان اللذان عيّنتهما إسكندر قبيل يوم من جلسة لتثبيت الحجز على أملاك سلامة في نيسان الماضي تطوعا للقيام بالمهمة من دون مقابل، بعد رفض وزير المالية يوسف الخليل تعيين محامين بحجة عدم توفر الأموال. وأدى حضورهما وطلبهما دراسة الملف قبل إصدار الحكم النهائي إلى إرجاء الجلسة التي كانت ستنطق بالحكم النهائي، ما يضيّع على الدولة اللبنانية أكثر من 120 مليون دولار.
مصادر في وزارة العدل اتهمت المصري بـ«التصرّف بكيدية، محتمياً بطائفته لكسر قرار الوزير رغم أن الأخير غير ملزم برأي المدير العام في مثل هذه القضية». وقد استدعى خوري المصري بعد الجلسة ليسائله عن أسباب حضوره الى السرايا من دون أخذ الإذن، وعن زعمه أمام الوزراء بأنه لم يُستشر، علماً أن العكس صحيح». وبحسب المصادر، فإن المصري ادعى أنه راسل نقابتي المحامين في طرابلس وبيروت لمشاورتهما في أسماء جديدة من دون أن يقدم أي اقتراح طيلة هذه المدة، سوى أنه أطاح بالمحاميَين المعيّنين.
وبعدما قرّر خوري أن يعقد مؤتمراً صحافياً اليوم «لكشف كل الحقائق حول عرقلة استعادة حقوق الدولة وأموال مواطنيها بما فيها كل ما حصل قبيل جلسة مجلس الوزراء وبعدها، ومخالفات المدير العام ومسايرة الوزراء له بادعاءاته رغم ورود السيَر الذاتية للمحامين ضمن الطلب»، تلقّى وزير العدل، وفق المصادر، اتصالاً من السرايا، يطلب منه إلغاء المؤتمر وإبلاغه نية ميقاتي عقد جلسة مخصصة للموضوع، واقتراح أسماء جديدة، والتأكيد له أن «موضوع تضارب الصلاحيات تمت معالجته بينه وبين المدير العام بحسب ما يراه رئيس الحكومة مناسباً». وقد ردّ الوزير بأنه لن يحضر الجلسة، مُصرّاً على عقد المؤتمر، وخصوصاً أن الجلسة التي أعطتها السرايا صفة «العاجلة والطارئة»، لم تكن تراها كذلك قبل أسابيع.