«أيدينا ستصل اليكم اذا الدولة أهملتكم»، عبارة تلخص موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من الجريمة الإرهابية التي استهدفت الضاحية قبل يومين. كان يوجه كلامه إلى القتلة «الحمقى». رجح مسؤولية الجهات التكفيرية، مشدداً على «أن من يدمر المنطقة كلها اليوم أخذ قرارا بتدمير لبنان». أكد أن «احد ردودنا على اي تفجير من هذا النوع، انه اذا كان لدينا الف مقاتل في سوريا فسيصبحون ألفين، واذا كان لدينا 5 آلاف مقاتل فسيصحبون 10 آلاف، واذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الارهابيين إلى ان اذهب انا وكل حزب الله الى سوريا فسنذهب». وفي كلمة له عبر شاشة عملاقة خلال الاحتفال بذكرى انتصار 14 آب الذي أقيم في بلدة عيتا الشعب الحدودية أمس، لفت نصر الله إلى أن «استهداف الناس والاهالي في الضاحية وغيرها ليس أمرا جديدا». وأضاف إن «العدو دائما عندما كان يفشل في مواجهة المقاومة يلجأ الى ضرب الناس، حتى الناس الذين ليسوا مع المقاومة. وتاريخ الحروب الاسرائيلية في قانا والضاحية والشياح وغيرها من الاماكن في حرب تموز واضح».
وإذ أكد أن «العدو يتصرف في هذه النقطة بأنها نقطة ضعفنا عندما يفشل في مواجهتنا عسكرياً»، رأى ان «هذه نقطة اعتزاز تدلل على ان العلاقة بين المقاومة والناس هي علاقة عاطفية وانسانية وأخلاقية وروحية ومعنوية، وانهما واحد». وشدد نصر الله على أن انفجار الرويس «كان استهدافا للناس، ولم يكن عملية اغتيال. لم يكن هناك كادر أو مقر لحزب الله مستهدف، بل من ارتكب المجزرة في الضاحية كان يريد ان يلحق اكبر قدر ممكن من الاصابات في صفوف الناس». وكشف أن «العبوة التي انفجرت تزن اكثر من 100 كلغ»، لافتا إلى ان «هذه المجزرة تأتي في سياق هذه المعركة الكبيرة المفتوحة منذ عشرات السنين». وقال: «ما دام هناك فريق يقاوم ويرفض الاستسلام للاردة الصهيونية والاميركية، فمن الطبيعي ان يتحمل هذا الفريق وبيئته الحاضنة». وأضاف: «الدولة مسؤوليتها ان تكون الى جانب المتضررين، ونحن ايضا سنكون الى جانبهم، لكن يجب ان نكون حاضرين لمواجهة الاتي، وما حصل حلقة في هذه المواجهة الطويلة».
وعرض نصرالله سلسلة عمليات استهدفت حزب الله في الآونة الأخير، مشيرا إلى أنه «خلال الاسابيع الماضية سقطت صواريخ على بعلبك وجوارها وكان معروفا من اطلقها»، كاشفا عن ان «الجماعات السورية المسلحة هي التي اطلقت الصواريخ والفاعل معروف». وقال إن «العبوات على طريق الهرمل ومجدل عنجر وزحلة كانت تستهدفنا، والصواريخ التي سقطت على الضاحية كانت تستهدفنا، الانفجار الكبير في بئر العبد ايضا يستهدف بيئتنا وناسنا، ولم نقم بأي رد فعل متسرع، ولم نتهم احدا، حتى في متفجرة بئر العبد قيل كلام من بعض الاوساط اللبنانية إن هذه السيارة وضعها حزب الله ليأخذها ذريعة، لانه يريد قلب الطاولة في البلد. فهل هناك أكثر من افتراء وظلم كهذين». وأضاف: «لن تجدوا احدا يحب هؤلاء الناس ويقبّل التراب تحت اقدام هؤلاء الناس مثل حزب الله وقيادته، لكن يأتي بعض السفلة للقول ان متفجرة بئر العبد من حزب الله، والدليل انه لا احد قُتل!».
وأوضح نصرالله أن «الاجهزة الامنية، وخصوصا الاستخبارات، كانت تعمل على الملفات نفسها، وقاطعنا معطياتها مع معطياتنا، ووضعنا فرضيات، الاولى اسرائيل، وفتشنا عن مؤشرات تجعل هذا الاحتمال قويا او ضعيفا، وعملنا على هذه الفرضية، ولم يظهر امامنا شيء، لكن بقيت قائمة، أما الفرضية الثانية، فهي الجماعات الارهابية التي اعلنت حربها ليس عند دخول حزب الله الى القصير، بل منذ فترة سابقة، وبحثنا في هذه الفرضية، وهناك فرضية ثالثة هي ان تكون هناك جهة اخرى دخلت على الخط لكي تأخذ البلاد إلى تصعيد الجو مع الاسرائيلي، اوالى فتنة داخلية، وقتال طائفي»، وقال: « لم نسارع الى توجيه اي اتهام، لكن انا اليوم سأتهم، بعد اكثر من 30 يوما على متفجرة بئر العبد، واكثر على العبوات والصواريخ التي انفجرت»، لافتاً إلى ان «مديرية الاستخبارات اعتقلت اشخاصا، ونحن اجرينا تحقيقا وقاطعنا المعطيات ووصلنا الى نتيجة».
وكشف عن ان «من وضعوا العبوتين على طريق الهرمل باتوا معروفين بالاسم، وأحدهم معتقل، وبعض ما سأقوله صدر في بيان لوزير الدفاع (فايز غصن)، وهذا البيان يعبر عن شجاعة واحساس كبير بالمسؤولية، كما أن أحد افراد المجموعة التي وضعت العبوتين على طريق الهرمل اعتقل لدى استخبارات الجيش، واعترف على بقية المجموعة، واعترف عن الاشخاص الذين قتلوا الشباب الاربعة في جرود المنطقة». وأضاف: «من وضع العبوة في مجدل عنجر بات معروفا، ومن اطلق الصواريخ على الضاحية بات معروفاً أيضاً، ومن وضعوا العبوة في بئر العبد باتوا معروفين بالاسماء بنسبة 99,99 بالمئة، والتحقيقات لم تثبت انهم عملاء لاسرائيل، وقد يثبت هذا لاحقا، لكن مما ثبت انهم مجموعات تنتمي الى اتجاه تكفيري محدد، وهم معروفون بالاسماء، ومعروف من يدعمهم ويشغلهم ويديرهم، بعضهم لبنانيون وسوريون وفلسطينيون».
ولفت نصر الله إلى ان «كل المؤشرات والخيوط والمعطيات في متفجرة الامس تؤدي الى المجموعات نفسها، وكانت هذه المعطيات متوافرة لدى الاجهزة الامنية، التي أبلغتنا أسماءً وجهات محددة كانت تُعدّ عددا كبيرا من السيارات المفخخة لارسالها الى الضاحية، وكل اجراءاتنا الأمنية في الضاحية سببها معلومات من الاجهزة الرسمية عن ان هناك من يعد لارسال سيارة مفخخة إلى الضاحية». وأردف قائلا: «لا اريد ان أجزم بان تفجير الامس مسؤولية الجهات التكفيرية، لكن الترجيح الاكبر هو هذا»، مؤكداً «ان هذه المجموعات تعمل عند اسرائيل، ولا شك عندنا في اختراق بعض الاستخبارات الاميركية لهذه الجماعات»، موضحا ان «فرضية الانتحاري ما زالت قيد البحث».
ورأى نصر الله ان «هناك هدفاً وطنياً هو كيف نمنع تكرار هذه الاعتداءات الارهابية والمجازر. ففي الأمس وضعوها في الضاحية ولكن غدا اين يمكن ان يضعوا هذه التفجيرات؟ الاسرائيلي لا يهمه اذا كانت الضاحية او لا، والتكفيري كذلك، وهؤلاء يقتلون السنّة كما يقتلون الشيعة، ويقتلون المسيحيين كما يقتلون المسلمين، ويفجرون المساجد كما الكنائس».
وحذر من أن استمرار التفجيرات سيضع لبنان على حافة الهاوية، داعياً المسؤولين إلى التصرف بمسؤولية على هذا المستوى من هذا التهديد، لافتاً إلى «أن من يدمر المنطقة كلها اليوم أخذ قرارا بتدمير لبنان». وحمّل الدولة واجهزتها المسؤولية بالدرجة الاولى، مشيرا إلى انه «يجب العمل على خطين، الاول هو الاجراءات الوقائية الاحترازية (…) والثاني، كشف هذه الجماعات ومحاصرتها وتفكيكها والقاء القبض عليها والقضاء عليها، وهذا يحتاج الى جهد كبير جدا من الجميع». وشدد على «أهمية عدم تغطية هذه الجماعات وحمايتها سياسيا او امنيا، ولا التساهل معها أو تبرئتها وذلك من اجل لبنان، لان هذه الجماعات تريد اخذ لبنان الى الحرب الاهلية والدمار».
وأكد ان «المطلوب ايضا الكف عن التحريض الطائفي والمذهبي»، داعيا إلى «أن يبقى الصراع سياسياً، وإلى تجنب التحريض المذهبي والطائفي».
ولفت نصر الله إلى ان بين الشهداء في انفجار الرويس سنّة وسوريين وفلسطينيين، متوجها إلى جمهور المقاومة بالقول : «سيأتي من يقول إن السنّة هم من قصفوا الضاحية، وارسلوا السيارات المفخخة اليها. كل من يتكلم بهذا المنطق اسرائيلي وشريك للقتلى». وأكد « ان هؤلاء لا وطن لهم ولا دين لهم وهم ليسوا سنّة، هؤلاء قتلة. قتلوا من السنّة اكثر مما قتلوا من الشيعة»، منبهاً إلى ان « البعض يسعى ليحصل قتال بين المخيمات واللبنانيين، والقتلة مجموعة من الارهابيين واصحاب مشروع تدميري في كل المنطقة لا في لبنان فقط».
وللقتلة قال: «إذا كنتم تعملون لدى الاسرائيلي فإننا نعرفكم وأيدينا ستصل اليكم إذا الدولة اهملتكم»، مؤكدا أننا «لسنا بديلا عن الدولة، لكن في كل مجال الدولة لن تتحمل فيه مسؤوليتها، فنحن سنتحمل المسؤولية». وتابع :«اذا كنتم تدّعون انكم تدافعون هكذا عن الشعب السوري، وتعاقبون حزب الله على تدخله في سوريا، فإنني اقول انتم الجماعات التكفيرية الاشد فتكا بالشعب السوري. رجال الدين المسيحيون الذين معكم تخطفونهم وتقتلونهم، انتم تقتلون اطفالا وتفجرون مساجد».
وشدد نصر الله على انه «بالنسبة إلينا نحن دخلنا في مكان ما وبحدود ما الى القتال في سوريا، حيث نقاتل نقاتل بقيمنا، نحن لم نقتل اسيرا وانتم تعدمون الاسير في وضح النار، نحن لم نقتل المدنيين ونحن في بعض معاركنا سقط لنا المزيد من الشهداء لنحمي المدنيين، وما يقال عن اننا ارتكبنا مجازر هو اكاذيب وافتراءات». وانتقد قناتي «الجزيرة» و «العربية» لتطابق اهدافهما ضد حزب الله وسوريا وايران، فيما افترقتا تجاه ما يحصل في مصر، وافتقدتا الصدقية، وقال: «ان القتلة حمقى ومشتبهون اذا كانوا لم يحسنوا قراءة مقاومتنا لاسرائيل».
وشدد على ان «احد ردودنا على اي تفجير من هذا النوع انه اذا كان لدينا الف مقاتل في سوريا فسيصبحون ألفين، واذا كان لدينا 5 آلاف مقاتل في سوريا فسيصحبون 10 آلاف، واذا احتاجت المعركة مع هؤلاء الارهابيين إلى ان اذهب انا وكل حزب الله الى سوريا فسنذهب من اجل سوريا وشعبها، ومن اجل لبنان وشعبه، ومن اجل فلسطين والقدس، ومن اجل القضية المركزية».
وأكد «نحن من نحسم المعركة ونوقت نهايتها، وكما انتصرنا في كل حروبنا مع اسرائيل، اذا اردتم دخول المعركة معكم بكل قوة، فأقول للكل إننا سننتصر في المعركة ضد الارهاب التكفيري، ستكون المعركة مكلفة نعم، لكن اقل كلفة من ان نُذبح كالنعاج، وان ننتظر القتلة ليأتوا الى عقر دارنا». وتوجه إلى آل جعفر وآل أمهز بالقول: «اتضح من قتل اولادكم في الجرود، لذلك وقبل ذلك وبعد ذلك لا يجوز تحميل هذه الدماء لأشخاص لا علاقة لهم بالقتل»، داعيا إلى «ممارسة اعلى درجات المسؤولية وضبط النفس، لان اي تصرف غير مسؤول في البقاع الشمال قد يؤدي إلى نتائج خطيرة».