يبدو أن الحكم في إمارة قطر يواصل سياسة «اللعب على الحبال». أرسل الأمير تميم بن حمد موفدين إلى طهران وبيروت، التقى أحدهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في بيروت قبل أسبوعين. كما تم إجراء اتصالات بمكتب الرئاسة في سوريا. في بيروت، نقل الموفد رسائل تعبّر عن الرغبة في «تعزيز العلاقات مع اللبنانيين»، وهذا ما سمعه قبل أيام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذا ما سمعه، أيضاً، تكراراً المدير العام للأمن العام اللواء إبراهيم عباس، والذي قيل «في أذنه مباشرة» إن قطر تريد «علاقات قوية وودية مع لبنان ومع الشيعة»، ثم بُعثت رسائل حول «رغبة قطر في استئناف العلاقة الطبيعية مع حزب الله على وجه الخصوص»، وهي الرسائل التي أثمرت عن رفع مستوى التواصل بين الحزب والحكومة القطرية.

لكن «الشقيق الأكبر» كانت له اليد العليا، فالأزمة التي برزت من جديد بين قطر والسعودية كانت لها عناوين واضحة، أبرزها: اعتراض الرياض على سياسة قطر من الأزمات في مصر واليمن، وانزعاجها من «انفتاح» قطري على إيران وحزب الله في لبنان، و«تراجعها»، ولو الجزئي، عن دعم وتمويل مسلحي المعارضة السورية.
ويبدو أن الحكم القطري عاد وانصاع لما يريده آل سعود. وكان الاختبار الأول التزام الدوحة بإجراءات ملموسة قررها وزراء داخلية مجلس التعاون الخليجي ضد «أعضاء، أو أعضاء محتملين في حزب الله»، وضد «مصادر تمويل مباشرة وغير مباشرة لحزب الله من قبل لبنانيين شيعة يعملون في دول الخليج».
وبناءً عليه، تسلّمت وزارة الداخلية القطرية ملفاً من وزارة الداخلية السعودية، جرى تعميمه على وزارات الداخلية في كل دول مجلس التعاون، وفيه لوائح اسمية لمئات اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين الذين تقول الرياض إنهم على علاقة مع حزب الله.
وأمس، تلقّى عدد من اللبنانيين الذين يعملون في قطر اتصالات تطلب منهم الحضور إلى «مكتب البحث والمتابعة» في وزارة الداخلية القطرية. ولدى وصولهم، تم إبلاغهم بضرورة التواصل سريعاً مع كفلائهم في قطر، والعمل على القيام بإجراءات سريعة لمغادرة البلاد خلال مدة تراوحت بين أسبوع وشهر، بحسب الوضع الاجتماعي لكل منهم.
وتبيّن من اللائحة أن العدد الفعلي للبنانيين المطلوب مغادرتهم قد يتجاوز لائحة الـ 8 كما ورد الى بيروت. وقال متابعون إن الحديث الفعلي هو عن ثلاثين لبنانياً وخمسة سوريين، من الذين ترد على بياناتهم الشخصية أنهم يتبعون «المذهب الشيعي أو الجعفري»، وليس بينهم أحد من «أتباع مذاهب أو ديانات أخرى»، بحسب ما قال مصدر معني في الدوحة.
وحضر أكثر من كفيل قطري إلى وزارة الداخلية، ونجح بعضهم في تمديد مهلة الإنذار لأسابيع إضافية، لكن الأمر يقتصر على المتزوجين فقط.
السفير اللبناني في قطر، حسن نجم، ظل طوال نهار أمس يتلقّى اتصالات من اللبنانيين المشمولين بالقرار، وهو طلب إمهاله بعض الوقت لمعرفة التفاصيل، وقد أبلغ وزارة الخارجية في بيروت بما وصله من معلومات، كما تلقّت قيادتا حزب الله وحركة أمل المعلومات نفسها.
ولفت مصدر في الدوحة إلى أن جميع مَن تلقّوا طلبات المغادرة هم من الذين دخلوا إلى قطر منذ نهاية عام 2006، وأن بعضهم يحتل مراكز مرموقة في مؤسسات قطرية، إعلامية واقتصادية، وفي شركات خاصة أيضاً.
وقال وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور لـ«الأخبار» إنّ «المعنيين في لبنان تبلغّوا قرار ترحيل خمسة لبنانيين، عبر السفارة اللبنانية في قطر، لا عبر السلطات القطرية، أحدهم بسبب إعطائه شيكات من دون رصيد، أما الباقون فسيُرحّلون من دون ذكر الأسباب». وأتى هذا الإجراء بعد اتفاق وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون الخليجي الخميس الماضي على «اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد مصالح حزب الله اللبناني في دول المجلس وضد المتعاونين معه»، وتكليف فريق عمل مختص لوضع اللوائح. وأشار منصور لـ«الأخبار» إلى أن «الذين سيعودون لا علاقة لهم بأي نشاط حزبي»، كما أن القرار «اتخذ في قطر وحسب، ولم نتبلّغ قراراً مماثلاً من أي دولة خليجية أخرى»، مؤكداً «أننا في صدد جمع المعطيات لمعالجة الموضوع عبر القنوات الدبلوماسية».