لم تهدأ جبهة مخيم عين الحلوة بعد. المخيم الفلسطيني الأكبر يشهد إجراءات أمنية مشددة فُرضت في محيطه إثر إعلان توقيف «شبكة تكفيرية» يرأسها الفلسطيني توفيق طه الملقب بـ«أبو محمد» كانت تخطط لاستهداف الجيش اللبناني.. إذ إن طه، بحسب المعلومات الأمنية المتوافرة، موجود داخل المخيم. الطوق الأمني أسفر عن توقيف سيارتين ضُبط في إحداهما رشاش من نوع «دوشكا»، فيما كانت الأخرى محمّلة بالأسلحة. وفيما جرى الربط بين السيارتين وكتائب عبد الله عزام التابعة لتنظيم «القاعدة»، نفت معلومات أمنية حصلت عليها «الأخبار» وجود أي رابط بين السيارتين. لكن المصادر نفسها أفادت أن المعلومات الأولية التي أظهرتها التحقيقات في قضية السيارة التي ضُبط فيها رشاش «الدوشكا»، تشير إلى وجود علاقة بين الموقوفين الثلاثة (شقيقان لبنانيان وفلسطيني) والتنظيم الموالي لـ«القاعدة»، لافتة إلى أن الموقوفين كانوا ينوون تهريب الأسلحة المضبوطة الى الأراضي السورية. وتابعت المصادر أن الموقوفين اعترفوا بأن هذه ليست المرة الأولى التي ينقلون فيها أسلحة من المخيّم الى الداخل السوري.
وفي تفاصيل العمليتين، فقد أثارت سيارة فان مكشوفة يستقلها عمال سوريون ريبة قوة من استخبارات الجيش. وعندما طلب أحد عناصر الجيش من سائقها التوقف، حاول الأخير الفرار، فطاردته دورية من الجيش وتمكنت من توقيف السيارة عند مستديرة القناية في صيدا. ولدى تفتيشها، ضبط في داخلها رشاشان حربيان من نوع «بي كي سي» مخبآن في أثاث قديم يعود للطبيب زكريا ح. كان ينوي نقلها إلى منزله الجديد في عين الدلب (شرق صيدا). وقد دهمت قوة من الجيش منزل الطبيب وعيادته، وضبطت فيهما أسلحة رشاشة قديمة وحديثة. كما عُثر بين القطع المضبوطة على لغم أرضي قديم وقنابل عنقودية غير منفجرة، ما استدعى حضور خبير متفجرات.
وأوقفت استخبارات الجيش الطبيب للاستماع إلى إفادته. وذكرت المصادر الأمنية أن الطبيب الموقوف معروف بأنه هاوٍ لجمع التحف والقطع التراثية والقديمة، لا سيما الأسلحة الحربية العتيقة من رشاشات ومسدسات وبنادق أوتوماتيكية، وأنه حوّل منزله الى ما يشبه المتحف الحربي.
وعند مدخل عين الحلوة، أوقفت استخبارات الجيش سيارة ضبط فيها سلاح متوسط من نوع دوشكا داخل أنبوب كبير لتسخين المياه. وقد أوقف ركاب السيارة الثلاثة الذين كانوا يحاولون تهريب قطعة السلاح إلى خارج المخيم، وهم الفلسطيني محمود حميد العلي وشقيقان من آل حدارة من منطقة الشمال.
الجلبة التي أثيرت عند أسوار المخيم لم تكن أقل صخباً من الاجتماعات المتلاحقة التي عقدها قادة الفصائل والقوى الإسلامية في المخيم طوال نهار أمس، للبحث في المستجدات المتعلقة بـ«الشبكة التكفيرية» التي كشفها الجيش. وتطرق المجتمعون إلى «كيفية تسليم رئيس الخلية السلفية المكتشفة في الجيش والفار الى المخيم توفيق طه الذي يترأس كتائب عبد الله عزام». وخلصت الاجتماعات إلى أن «القوى كافة في المخيم أجمعت على رفع الغطاء عن طه»، مشيرة إلى أنها «تتحين الفرصة لإلقاء القبض عليه وتسليمه للجيش حفاظاً على أمن المخيم وعلى العلاقة الفلسطينية ــــ اللبنانية».
الخلاصة التي خرجت إلى العلن، شكّك فيها أكثر من متابع لشؤون المخيم. فالمشتبه فيه هو «رجل القاعدة الأول» في مخيم عين الحلوة، وذلك يجعله محصّناً من معظم الجماعات الإسلامية التي تبدي تعاطفاً مع هذا التنظيم. أما ما يشاع عن صعوبة تحديد مكانه لأنه يتنقل متخفياً، فقد سبق أن نفاه مسؤولون في فصائل عدة أكدوا لـ«الأخبار» أن طه يتنقل دائماً بين أحياء المخيم، من دون أي إجراءات أمنية تذكر.