لمن يهمه الأمر، لائحة النائب وليد جنبلاط للانتخابات النيابية في الشوف لن تكون مكتملة. هذا ما يؤكده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي. لا يُريد الزعيم الجنبلاطي أن يخوض معركةً كاملةً في إقليم الخروب. سيرشّح الوزير علاء الدين ترو، وسيترك المقعد السنّي الآخر لمرشّح تيّار المستقبل النائب محمد الحجّار، أو من تُرشّحه الجماعة الإسلاميّة. فالزعيم الاشتراكي الذي تربطه علاقة جيّدة مع الجماعة، كما يقول مسؤولوها، لا يُريد أن يُقحم نفسه في هذا الصراع، خصوصاً أنه تمنى في انتخابات 2009 على الرئيس سعد الحريري تبنّي مرشح للجماعة في الشمال. رهان جنبلاط في الإقليم هو على اقتناع الناخبين بخطابه السياسي. في المقلب الآخر من الشوف، يتمنى جنبلاط أن يعود المقعد التقليدي للراحل نبيل البستاني إلى كتلته.

وماذا عن المقعد الماروني الثالث، إذا اعتبرنا أن مقعد النائب إيلي عون سيبقى له؟ يُجيب جنبلاط بأن هناك قوتين مسيحيتين في الشوف، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة، وهو يطمح الى التوفيق بينهما بشخصيّة مشتركة. ولكن، أين يُمكن أن يجد مرشّحاً كهذا؟ لا يُعلّق، لكنه يبدو واثقاً بقدرته على ذلك.
ماذا عن مرشح البيت الجنبلاطي ومن سيكون: «وليد بيك» أم نجله تيمور؟ يتمنى زعيم المختارة لو يترشّح تيمور، «حتى يأخذ عني بعض الحمل، لكنه لا يُريد حالياً». هي المرّة الأولى التي يشير فيها جنبلاط إلى أن عدم ترشيح تيمور هو نتيجة رغبة الأخير، بعدما كان يُكرّر سابقاً أن نجله بحاجةٍ إلى الخبرة. يجزم «البيك» بأن الخطوة الأكيدة هي ما جرى في الحزب، والتي «ستُثبّت في تشرين عند انتخاب رئيس جديد للحزب». ولدى سؤاله عن الشخصيّة التي يُمكن أن تتولى رئاسة الحزب الاشتراكي، لا يُجيب ويترك الأمور مفتوحة. وعند تسمية الوزير غازي العريضي، يردّ بأنه يُفضّل أن يكون الرئيس الجديد غير درزي.
من الانتخابات الحزبيّة إلى الانتخابات العامّة التي ستجري عام 2013، يؤكّد جنبلاط تمسّكه الكامل بقانون الستين. يعتبره «الأفضل» حتى اللحظة. يُكرّر رفضه للنسبيّة في الواقع الحالي، ويوافق عليها بشرط: مجلس نواب لاطائفي، مجلس شيوخ، وإلغاء للطائفيّة السياسيّة. ينفي زعيم المختارة أن يكون أحد قد فاتحه الأسبوع الماضي في موضوع قانون الانتخابات، بل إن النقاش كان متركّزاً على البواخر، «التي تحوّلت إلى أساطيل»، لافتاً إلى أن ما جرى يُعتبر هدراً للمال العام. «فقد كانت هناك باخرة واحدة في حكومة الرئيس سعد الحريري، وكان سمير ضومط هو الوسيط. اليوم كل واحد صار يحكي بباخرة». ينقل جنبلاط عن الوزير نقولا نحاس، الذي يُشيد به، أن هناك إمكانيّة لإصلاح وحدات معامل الكهرباء واحدة بعد أخرى، والاستغناء عن البواخر التي طُرحت لتأمين النقص الذي ينتج من توقف المعامل عن العمل. ويمكن الاستفادة من أموال البواخر لبناء معامل تعمل على الفيول أويل، والغاز «في ما لو تأمّن الغاز من مكان ما».
لا يتحدّث جنبلاط كثيراً عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. لدى سؤاله عن الرئيس الذي كان في السابق ينتفض مدافعاً عنه، يُجيب: «اسألوا ميقاتي». الوضع يبدو اليوم مختلفاً. لا يجد زعيم المختارة سبباً للدفاع عن ميقاتي، رغم أنه قد يلتقيه اليوم، بعد ثلاثة أسابيع من عدم اللقاء، «فالأسبوع الماضي لم أكن في البلد». لا يبدو جنبلاط مستعداً لمساندته في أي قانون انتخاب بهدف تأمين معركة رئيس الحكومة، لأنها «معركة ميقاتي وليست معركتي». برأيه، الحاج نجيب قادر مالياً وسياسياً على أن يكون زعيم طرابلس وعكّار لو أراد.
عدا ذلك لا جديد في علاقات جنبلاط السياسيّة. علاقته بحزب الله كما هي، تنسيق كامل على الأرض، وبعض النقد الهادئ للأداء الداخلي. أمّا مع الرئيس نبيه بري، فتحالف سياسي قديم، تمتنه علاقة سياسيّة وشخصيّة وتاريخيّة متينة، «ويا ويلنا من دونه». أمّا مع الرئيس سعد الحريري، فلا يبدو مستعداً لخطوة ما، خصوصاً أن الأخير مصرّ على موقفه بعدم الحوار مع حزب الله وحركة أمل، لكنه يُشيد بالرئيس فؤاد السنيورة، «رجل الدولة المظلوم»، خصوصاً في ما قيل عنه حول حرب تموز 2006. رغم أنه يعتقد بأن السنيورة مكبّل ولا يستطيع التحرّك كما يُريد.
كذلك لا جديد في العلاقات الدوليّة. الأمور مع السعوديّة لم تُحلّ بعد، وزيارات الوزير العريضي لم تُثمر خطوات عمليّة. وفي الموقف من سوريا لا جديد أيضاً. جنبلاط «مع الثورة» حتى إشعار آخر. لا يُريد العودة إلى ساعة التخلي التي فرضتها حسابات الداخل اللبناني منذ ما بعد 7 أيار 2008. رغم أنه لا يرى انتصاراً قريباً على النظام السوري، بسبب غياب القرار الدولي بذلك، بل إن الأمور ستذهب باتجاه المزيد من الدماء حتى يسقط النظام، لا يرى جنبلاط أن «تسليح الثورة كان خطأً، لأن هناك من مارس القتل لسنة كاملة، فما الردّ عليه؟». هل تخاف من الاغتيال السياسي؟ يُجيب: «لو رضخت لهذا الخوف، لما اشتغلت بالسياسة».