سلامة كيلة موقوف في سوريا. خبر عادي في بلد مثل سوريا اليوم. وسلامة معارض عنيد للنظام في سوريا. ما يعني أن اعتقاله خبر عادي أيضاً. وسلامة معارض لتسويات جزئية من هنا أو هناك، ولذلك لديه مشكلة مع مؤسسات النظام في سوريا. ما يعني أن خبر اعتقاله عادي أيضاً.
ماذا يعني اعتقال معارض مثل سلامة كيلة؟ الرجل لديه تصوره للأزمة السورية. يصر على مقاربة المشهد من زاوية طبقية، مستعيناً بأدوات التحليل الماركسي للأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تقف خلف الاحتجاجات التي انطلقت في سوريا.
سلامة لا يؤيد العنف. يدينه بقوة عندما يأتي من النظام، ويدينه بشدة عندما يأتي من الشارع. وهو ليس في موقع يخوّله إجراء محاكمات أو إصدار أحكام ميدانية أو حتى أخلاقية. لكنه بعد كل الذي حصل، لم يتراجع عن قناعته بأن النظام في سوريا يتحمل القسم الأكبر من المسؤولية. وهو في الوقت نفسه، يدين أي معارض يلجأ إلى الخارج، مهما كان هذا الخارج، فكيف إذا كان من جماعة الناتو أو مشيخات النفط أو جماعات الغرب على أنواعها؟
السؤال ليس عن اعتقال سلامة. السؤال هو، الآن، هل هناك مكان على المسرح السوري لمعارضين من قياس سلامة، أو من صنفه؟
السؤال هو: هل النظام في سوريا، الذي نجح في مواجهة موجة أولى وكبيرة من الحرب العالمية ضده، في وضع لا يسمح له بتحمل معارض من وزن سلامة؟ هل هذا يعني أن النظام يقول لنا في خطوة اعتقال سلامة، إنه إما لا يتحمل أي نوع من المعارضة، أو أنه مرتاح إلى حدود لا يهتم فيها لأي رد فعل على اعتقال معارض من صنف سلامة؟
لن يكون بمقدور أيٍّ منا توقع إجابة واضحة وسريعة على خطوة غبية ومدانة، مثل تلك التي أقدم عليها من قرر ونفذ اعتقال سلامة كيلة. وربما من الأفضل عدم انتظار إجابة؛ لأن الأمر يتجاوز الحسابات التي يمكن عقلاً مركباً بطريقة منطقية أن يتعامل معها.
ثمة قدر عال من العنجهية أو الغباء يقف وراء من قرر هذه الخطوة، لأنه يريد منا التصويب عليه، بينما نحن لم ننتظر منه إشارة للتصويب على الأعداء الحقيقيين لسوريا، ولا ننتظر منه جزاءً ولا شكورا!