جيفري فيلتمان في بيروت، قيادة 14 آذار تطير فرحاً. فزيارة هذا الرجل تعني الكثير لفريق المعارضة، وأولى دلالاتها أنّ واشنطن لم تتخلّ عنه. توقيت الزيارة، بحسب معارضين، ترجمة واضحة بأنّ الإدارة الأميركية لن تترك 14 آذار عموماً، وأنها تحديداً لن تخلي الساحة اللبنانية لمصلحة نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا رحيمي.
حمل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إلى بيروت معه الكثير من الملفات، تدور كلها في فلك الأزمة السورية، التي قال إنها «غير محصورة بزمن». وتوقف «العزيز جيف»، كما يحلو للمعارضين تسميته، عند وضع النازحين السوريين في لبنان، وشدد على ضرورة عمل الدولة والأطراف اللبنانية على مساعدتهم وتأمين احتياجاتهم. فحذّر مجدداً من إمكان حصول «أزمة إنسانية»، بعدما أشار إلى إمكان «استمرار الأزمة السورية فترة طويلة، قد يتخلّلها تطوّر لأعداد النازحين إلى الحدود اللبنانية ـــ السورية»، فطالب بتكثيف العمل الإغاثي الرسمي على طول الحدود تفادياً لوقوع أزمة.
وكعادته، قسّم فيلتمان رسائله على من التقاهم في اليومين الماضيين. شدّد أمام جميع مستقبليه، الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ومطران بيروت للموارنة بولس مطر، على ضرورة المحافظة على الاستقرار والحذر من مخاطر انعكاس الوضع السوري على الأراضي اللبنانية. تحدث فيلتمان عن الانتفاضات العربية ونضال الشعوب العربية لتحقيق الديموقراطية وتوقها إلى التحرّر. تناول الديموقراطية في لبنان، فنقل عنه مطلعون إشادته بها، وتشديده على «أنّ الجزء الأكبر من اللبنانيين لا يزال يصرّ على تمسّكه بهذا المبدأ، ويتابع نضاله من أجل الحرية».
ومن هذه الإشادة، مرّر فيلتمان الكثير من الرسائل وأولاها متعلّق بالانتخابات النيابية عام 2013. فشدّد في معراب وكليمنصو على ضرورة التمسّك بموعد الانتخابات النيابية. وقال معارضون إنّ فيلتمان «يحمل قراءة واضحة، سيقدمها لممثلي 14 آذار، حول وجوب قيام الانتخابات في موعدها، تحت أي ظرف كان ووفق أي قانون انتخابي». وبلغة أخرى: «elections now».
وفي كليمنصو، جرى تناول ملف الانتخابات ببعض تفاصيله، وتحديداً في إمكان اعتماد النظام النسبي. ورغم رفض جنبلاط العلني لهذا النظام، أبدى فريق فليتمان حماسة للنسبية كـ«مشروع إصلاحي»، الأمر الذي دعا السفير السابق إلى استدراك الموضوع في دارة جنبلاط، فأشار إلى «تفهّمه لحساسية الوضع اللبناني»، نافياً أي تشدّد أميركي حيال النسبية.
وفي كليمنصو ومعراب، أدان ميستر جيف «عمليات القتل المستمرة في سوريا»، وتوافق مع جنبلاط وجعجع على ضرورة تأمين الحماية اللازمة للمعارضين السوريين وإيقاف عمليات توقيفهم وتسليمهم للسلطات السورية.
سأل فيلتمان جعجع عن محاولة اغتياله، وبحسب الأجواء القواتية، «وضعه الحكيم في التفاصيل اللازمة، فهنأه بالسلامة». الأهم أنّ فيلتمان توقف عند هذه القضية في كليمنصو. ورغم رفض جنبلاط التعليق على لقائه بالوفد الأميركي، قال لـ«الأخبار»: «اعتبر الجانبان أنّ المحاولة جديّة، وأنه يجب الحذر». وأضاف إنّ وزير الاتصالات نقولا صحناوي يتحمّل المسؤوليّة كاملةً عن وقف التحقيقات بمحاولة الاغتيال بسبب حجب داتا الاتصالات. كما نُقل عن فيلتمان قوله إنّ «بلاده تنظر بجدية إلى محاولة اغتيال سمير جعجع، وترى فيها مؤشراً خطيراً بالنسبة إلى أمن الشخصيات السياسية في لبنان». بذلك تكون زيارة فيلتمان قد دفعت جنبلاط إلى إصدار أول موقف إيجابي ومساند لجعجع منذ خروجه من 14 آذار في آب 2010.
ويستكمل مستر جيف جولته اليوم، إذ من المقرر أن يلتقي معظم مسؤولي 14 آذار، الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس أمين الجميّل والنائبة السابقة نايلة معوّض في لقاءين خاصين، إضافة إلى «جَمعة على الغداء» تضمّ مسؤولين آخرين في منزل النائب بطرس حرب. لماذا في منزل حرب؟ يقول العارفون إنه سبق للنائب البتروني أن طلب موعداً للقاء فيلتمان خلال زيارة سابقة لواشنطن، وتعذّر حصول ذلك. فتم تحديد المكان كلفتة من جيفري فيلتمان والتأكيد أنّ جدول مواعيد جيف هو وحده ما أعاق تنفيذ طلب حرب السابق.
اللافت أنه لم يصدر عن رئاسة الجمهورية أي موعد محدد للقاء الرئيس ميشال سليمان بفيلتمان.