يعاني مسؤولو الفصائل الفلسطينية أزمتين: الأولى، انفلات الشارع من أيديهم. أما الثانية، فهي تكمن في غياب الحكومة اللبنانية عن السمع، ما يعني «عدم وجود سياسي لنتواصل معه لتهدئة الأوضاع في المخيمات»، يقول مسؤول بارز في تحالف القوى الفلسطينية. فبعد الأحداث الأخيرة، صعّدت فصائل التحالف (المناوئة لمنظمة التحرير) من موقفها تجاه الحكومة اللبنانية. فبحسب رأيها، الجيش «يحتاج إلى قرار سياسي ليطلق النار، ولا يمكننا أن نتحمل سقوط قتلى يومياً، ونحن ننتظر عودة رئيس الحكومة من الخارج».
كلام بعض مسؤولي الفصائل نابع من الحوادث الفردية التي لا تزال تجري بعيداً عن الإعلام؛ إذ سقط أمس جريح في عين الحلوة بعد إشكال بين عائلة لبنانية وأخرى فلسطينية. فبعض أفراد العائلة اللبنانية يتهمهم فلسطينيون بإطلاق النار على خالد يوسف، في المخيم، ما أدى إلى وفاته. بعد هذه الحادثة، تواصلت الفصائل مع النائب السابق أسامة سعد، فأرسل الأخير وفداً إلى منطقة التعمير حيث استقبلهم مسؤولو الفصائل في المخيم وعمل الطرفان على تهدئة الأوضاع في المخيم.
يعتب مسؤولو فصائل التحالف الفلسطينية على الحكومة اللبنانية التي «تعاملت باستخفاف مع ما يجري في نهر البارد وعين الحلوة»، يقول مسؤول إسلامي آخر في تحالف القوى. يضيف الرجل إنه جرى «التواصل مع الرئيس (نبيه) بري كي نخرج بتسوية تحفظ كرامة أبناء مخيم البارد وعين الحلوة وهيبة الجيش على حد سواء». ينتظر هؤلاء حالياً ردّ الرئيس بري، لكنهم يؤكدون أن الأمور بدأت بالخروج عن السيطرة، وأنهم استعملوا «أسلوب الترغيب والترهيب مع السكان كي نستطيع ضبطها». يؤكد أحد مسؤولي التحالف أن ما قد ينفّس الاحتقان حالياً هو «تنفيذ ما اتُّفق عليه خلال اجتماعنا مع قيادة الجيش في اليرزة، حيث يخفّف الجيش من إجراءاته على باب مخيم البارد». من جهتها، أجرت السفارة الفلسطينية اتصالات بالمسؤولين اللبنانين، معتمدة على ما قام به الرئيس محمود عباس من اتصالات مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان واستقباله لوالد الشاب المتوفى لتهدئة الأجواء في مخيم نهر البارد. وقد أوفد عباس مسؤول الساحة اللبنانية في حركة فتح، عزام الأحمد، أمس لضبط إيقاع ما يجري في المخيمات. حالياً، تجري الديبلوماسية الفلسطينية في لبنان اتصالاتها لعدم تصعيد الأمور ضد الجيش اللبناني. فبالنسبة إلى السفارة الفلسطينية، المهم الآن «تخفيف الاحتقان الموجود في الشارع، ونحن فعلنا ذلك من خلال نصب خيمة تضامنية داخل نهر البارد لمنع قطع طرقات المخيم».
أما تحالف القوى، فمطلبه واحد: «تشكيل وفد سياسي لبناني لمحاورتنا؛ لأننا لا نجد من يمكننا التحدث إليه في الحكومة».