غياب تيار المستقبل وترهّل قيادته البقاعية انعكسا عجزاً عن إيجاد صيغ لتذليل العقبات أمام التوافق البلدي داخل القرى ذات الغالبية السنية البقاعية، الخزّان الشعبي للتيار، وخصوصاً في مجدل عنجر. التراجع الواضح في حضوره، أجبر التيار الأزرق في البلدة على الوقوف موقف المتفرج على "معركة تحد" حامية بين عائلات المجدل. فيما يطرح سلفيو البلدة، بعد تراجع قدراتهم التجييرية، الصيغة تلو الأخرى للوصول الى توافق يضمن لهم حصة في "كعكة" المجلس البلدي (18 عضواً). فبعد فشل محاولة هؤلاء تشكيل لائحة مواجهة للائحة رئيس البلدية الحالي سامي العجمي واللائحة الثانية التي يرأسها سعيد ياسين؛ حاولوا توزيع مرشحيهم على اللائحتين معاً. فشل المحاولتين دفع بأحد مؤسسي التيار السلفي في لبنان الشيخ عدنان إمامه الى طرح التوافق على إختيار محمد حمود (شقيق رجل الأعمال والمقاول قاسم حمود القريب من 8 آذار وغير البعيد عن تيار المستقبل) لرئاسة البلدية كونه حيادياً وعلى مسافة واحدة من الجميع، على أن يتم تمثيل أول 17 عائلة من حيث العدد. إلا أن هذا الطرح اصطدم بعدم قدرة العائلات على حسم مرشحيها للرئاسة. وبحسب أحد الناشطين في البلدة، فإن "طرح الوفاق أشبه بملهاة: لا أحد يريده، ولا أحد يريد أن يكون مسؤولاً عن فشله".
الترشيحات الشبابية الرافضة للسلفيين تعرقل مساعي التوافق

وتعزو مصادر مطلعة فشل الطروحات التوافقية الى اصطدامها بمروحة واسعة من الترشيحات الشبابية الرافضة للخط السلفي المتشدد والتي تسعى الى كسر عرف اختيار رئيس البلدية من العائلات الكبيرة. ولذلك، تسعى كل الاطراف الأساسية الى إستكمال عدتها الانتخابية وتحالفاتها العائلية، تمهيداً للذهاب الى معركة، و"الأقوى هو من يتولى رئاسة المجلس". فيما تشد القوتان الأساسيتان، آل العجمي وآل ياسين، حبال عائلتي حسين وصالح إلى كل منهما، لكونهما تشكلان بيضة القبان.
مصادر قيادة المستقبل تبرّر عدم تدخلها في الإنتخابات البلدية في مجدل عنجر وغيرها من القرى البقاعية، بـ "أننا موجودون في كل العائلات، لذلك نترك لها حرية إختيار مرشحيها من دون تدخل". لكن المصادر نفسها تقرّ بأن إحدى العقبات التي يفرزها عدم تدخل التيار، "تتمثل في ارتفاع عدد المرشحين السلفيين. واذا إستمرت ترشيحاتهم، فسنعمد إلى اختيار الأسماء الانمائية والشبابية من اللوائح لنتبناها".
مؤسس نواة "اللائحة الشبابية"، الناشط في المجتمع المدني خالد غنيم، يشير الى أن اللائحة تتشكّل من "أصحاب خبرات واختصاصات ووضعنا برنامجاً موسعاً تتوزع المسؤوليات فيه على كل عضو بحسب إختصاصه، كما حاولنا، ولا نزال، إشراك العنصر النسائي. لكننا، للأسف، إصطدمنا بعراقيل الوجهاء الذين يريدون مصادرة رأي الشباب، ولا يعترفون بحق المرأة المشاركة باستحقاق كهذا". ولفت إلى أن تحالفه مع سعيد ياسين جاء لكون الاخير "شاباً رحب بفكرة مجلس بلدي شاب إنمائي وكفوء، ضمن برنامج نحاسب عليه في ما بعد".
ياسين، نجل رئيس البلدية الأسبق حسين ياسين، يبدو مرتاحاً لوضعه: "إن كانت معركة فنحن في جاهزية كاملة، كما أننا جاهزون للتوافق على أساس الكفاءات". أضاف: "رحبنا بالتوافق ونعمل لإنجاحه. هناك إتفاقيات بين عائلات عمرها عشرات السنين، ومن الطبيعي مشاورتها واتخاذ رأيها في الوفاق وصيغته، كما أن هناك مرشحا قويا لديه تحالفات عائلية. ونحن نسعى بكل جهدنا أن يكون التنافس إنمائياً لمصلحة البلدة، ونتخوف من تسلق بعض المشاريع السياسية ما يضرب المشروع الانمائي للبلدة الذي نريده".
أما رئيس البلدية سامي العجمي، فيبدو مطمئناً إلى توحد عائلته حوله، منطلقاً من التجارب السابقة، والمعارك التي خاضها في وجه رئيس البلدية الأسبق حسين ياسين. وأكد: "أنا مع التوافق، لكنني في الوقت نفسه جاهز لإنتخابات ديمقراطية تحدد القوة".
رئيس لجنة الوفاق الشيخ عدنان إمامه، قال لـ "الأخبار": "كوني إبن البلدة إتصلت بفعالياتها وطرحت التوافق، إنطلاقاً من ضرورة التغيير والإصلاح ما يعني أننا غير راضين عما كان قائماً". وبرر ترشيحات عدد من المحسوبين على الخط السلفي، بأن هؤلاء "من أبناء البلدة، وهم لم يترشحوا بإسم جمعيتنا (غراس الخير) أو بإسم الخط السلفي، وإنما بناءً على رغبة عائلاتهم". وختم "من خلال اتصالاتنا بالعائلات، لا نزال نعول على الايجابيات ونأمل أن نصل الى توافق في الساعات المقبلة".