تُزيّن جدران مكتبه في الطبقة الخامسة من المبنى الرئيسي لـ«فرنسبنك» في شارع الحمرا، صورٌ لمدينة بيروت في ثلاثينيات القرن الماضي. ورغم الحنين الذي تختزنه تلك الصور، لا يجد المحامي وليد الداعوق حرجاً في الدفاع عن مشروع سوليدير. فهي كانت «الطريق الأمثل لإعادة إعمار وسط بيروت». وهو مستعدّ للدفاع عن اقتناعه هذا. كيف لا وهو الذي كان محامي الشركة المثيرة للجدل. يصل محامي الرئيس نجيب ميقاتي منذ عام 1983 إلى موعده متأخراً بسبب «انهماكه بعدد من الاجتماعات الضروريّة» كما تقول إحدى العاملات في مكتبه.
يُعرّف الداعوق عن نفسه بأنه وسطي «في كلّ شيء»، وهو المولود في عام أوّل حرب أهليّة في لبنان بعد الاستقلال، أي في عام 1958. فهو لم يكن مع أي طرف في الحرب الأهليّة الثانية (1975 ــ 1990)، بل فضّل أن يكون جزءاً «من جمعيّات المجتمع المدني التي تعنى بالشباب». وفي تلك الفترة، لم يُغادر لبنان إلّا لفترات متباعدة، من ضمنها فترة الاجتياح الاسرائيلي في عام 1982. فقد كان الداعوق عضو الهيئة التنفيذيّة في الصليب الأحمر وفي دار الأيتام الإسلاميّة وجمعيّة «أجيالنا» وغيرها من الجمعيّات... كذلك هو عضو مجلس أمناء مدرسة «إنترناشيونال كولدج، IC). ولتأكيد «وسطيّته» يُشير وزير الإعلام إلى أنه كان يسكن «ما يُسمّى بالشطر الغربي لبيروت خلال الحرب الأهليّة، ودرستُ الحقوق في الشطر الشرقي في الجامعة اليسوعيّة، إضافةً إلى دراستي في جامعة الـ BUC اختصاص إدارة الأعمال».
يتحدّث الداعوق كثيراً عن ارتباطه بالشباب، لدرجة أن الجالس معه يظن أنّه وزير الشباب والرياضة. فهو كان عضو مجلس إدارة نادي الحكمة وأمين سرّ الاتحاد الرياضي للجامعات منذ عام 1978 إلى عام 1991. لا يُجيب مباشرةً لدى سؤاله عما إذا كان يتوقّع أن يُصبح وزيراً. يقول إن لديه المؤهلات، وإنه خدم الشباب والرياضة من دون أن يعرف أنه سيصل إلى خدمة المجتمع عبر السياسة.
يدخل «أبو مالك» وزارة الإعلام وهو لا يعرف كثيراً عن ملفّاتها. يتسلّح بقراره الانفتاح على الجميع، ومحاورة الجميع من أجل الارتقاء بمستوى وزارته. يشغله تطوير تلفزيون لبنان والإذاعة اللبنانيّة وعصرنتهما، «إذ لا يجوز أن يستمر الوضع كما هو عليه». لكنّه لا يُحدّد برامج واضحة لعملية التحديث. أمّا السلاح الثاني الذي يملكه وزير الإعلام، فهو خلفيّته القانونيّة (تدرّج الداعوق في مكتب الوزير السابق يوسف تقلا، وزامله مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام). يشرح الرجل بلسانه وحركات جسده، نيّته في وضع أي مشروع أو قضيّة على مكتبه، ثم تشريحها ودراسة وقائعها، قبل تحديد الهدف، ثم اختيار الطريقة الفضلى للوصول إلى هذا الهدف.
يرى أن أولويّته في الوزارة هي الجسم الصحافي، «هناك عدد كبير من المحررين، يُمكن من خلالهم الوصول إلى كلّ منزل في لبنان. يجب تنظيم المهنة، وتطوير قانون المطبوعات الذي لم يُعدّل منذ عام 1961، وعلينا مجاراة التطوّر الالكتروني وعصرنة قوانيننا». يُقرّ بأنه لم يقم بفروضه جميعها بعد؛ إذ عندما تسأله عن هذا الملف أو ذاك، يُجيب: «لم أدرسه بعد». أحد هذه الملفّات هو مشروع القانون المتعلق بحق الوصول إلى المعلومات، وهو موجود في مجلس النواب. يقول إنه يؤيّد الفكرة عموماً، لأن العالم كلّه يتجه صوبها، من دون أن يملك فكرةً عن مشروع القانون، لذلك يُعلن أنه يُريد أن يقرأه بصفته محامياً بدايةً «ولا أعرف ما إذا كانت خلفيّتي القانونية ستفيدني أو لا». لحظة. لكن وزير الإعلام الجديد يتحدّث عن ضرورة منع التشهير بأي أحد، «وكيف إذا كان مسؤولاً». النقد مسموح بالنسبة إليه، لكن التشهير ممنوع. فللحرية حدود، «وهذه الحدود تنتهي عندما تبدأ حدود الآخرين، أي عندما يطول الأمر الأشخاص بكراماتهم».
يُدافع المحامي الداعوق عن موكّله نجيب ميقاتي، ويرى فيه شخصاً قادراً على إدارة البلد خصوصاً في هذه الفترة. ويرفض اتهام حكومة موكّله بنقص التمثيل المناطقي فيها، «فالوزير مثل النائب، الذي يقول الدستور إنه يُنتخب ممثلاً لدائرة، ويُصبح ممثلاً للأمة اللبنانيّة جمعاء».
تزوّج وليد الداعوق ابنة رئيس مجلس إدارة مصرف «فرنسبنك»، الوزير السابق عدنان القصّار وهو في الثلاثين من عمره، ولديهما ثلاثة أولاد: رائدة (18 سنة ونصف)، كارين (16 سنة ونصف) ومالك (13 سنة). يُسهب الداعوق في الحديث عن ضرورة الزواج المبكّر، «لمتابعة أولادك وهم يكبرون، خصوصاً في السنوات الأربع الأولى من عمرهم. كلّ يوم فيه جديد. لا يجوز أن يبتعد أحد عن أولاده في هذه الفترة».
يوم أمس، تسلّم الداعوق وزارته من سلفه طارق متري معلناً أنه نتيجة لاجتماعهما، تبيّن له أن هناك «ورشة عمل يجب أن تنفّذ بالتعاون مع موظفي الوزارة وهي ورشة كبيرة جداً، نأمل أن نقوم بها جميعاً، وفي أسرع وقت ممكن وبأكبر قدر من الجديّة، بعيداً عن الغوغائيّة».
وشدّد الداعوق على مبدأ عدم توجيه الإعلام، مشيراً إلى أنه سيلتزم بأمرين خلال عهده: حرية التعبير وتطوير الوسائل الإعلامية، لافتاً إلى أنّ النقطة الأخيرة مهمّة من حيث التواصل بين اللبانيّين، والتواصل مع المغتربين. ووعد بالسعي إلى تأمين الإمكانات اللازمة لدعم تلفزيون لبنان وإذاعة لبنان «وهذا يحتاج الى موازنة وقرارات سياسية». أما في ما يخص الوكالة الوطنية للإعلام، فيقول: «علينا أن ندق على الخشب»، فقد عاصرنا وتابعنا عملها، وهي تعمل على نحو جيد، ويجب أن تكافأ على هذه الجهود.